المساء اليوم - طنجة: لا تزال فضيحة الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في منطقة خميس أنجرة، بعمالة الفحص أنجرة بطنجة، تثير الكثير من ردود الفعل، بسبب ما خلفه ذلك من استياء كبير وسط السكان ودعوة إلى فتح تحقيق معمق من أجل الكشف عن المسؤولين والمورطين في هذا الملف. وعلى الرغم من أن قايد جماعة خميس أنجرة جرى عزله قبل بضعة أسابيع بسبب هذا الملف وأشياء أخرى، إلا أن تبعات هذه الفضيحة لا تزال مستمرة، خصوصا وأن ناهبي هذه الأراضي لا يزالون مستمرين في حيازتها، بل يقومون كل يوم بالاستيلاء على مساحات جديدة ومحاولة تملكها بالقوة أمام أعين السلطات والجهات التي يفترض أن تحمي هذه الأراضي. وتوجد مصلحة "المياه والغابات" حاليا في قلب هذه الزوبعة، حيث أن الأراضي المنهوبة توجد تحت وصايتها رسميا، وهو ما يطرح تساؤلات محيرة حول سر صمتها وعدم قيامها بما يلزم لردع الناهبين. وكان أشخاص، أبرزهم شخص في "مدشر العقال"، استولى على مساحات كبيرة من أراضي المياه والغابات بالمنطقة وقام باجتثاث الكثير من الأشجار الموجودة بها قبل أزيد من نصف قرن، ثم سارع إلى حرث الأرض وبنى فوقها منزلا من أجل فرض الأمر الواقع بالقوة، وكل هذا حدث أمام عيون الجميع، بما فيها مصالح المياه والغابات والجماعة القروية خميس أنجرة، من دون أن يحرك أحد ساكنا. وقام هذا الشخص بقطع واجتثاث عدد كبير من أشجار الصفصاف في المنطقة (انظر الصور) وتركها تتيبس، وذلك من أجل هدف مزدوج، الأول السيطرة على الأراضي التي كانت توجد بها الأشجار وتملكها بشكل غير قانوني، وثانيا استغلال الأخشاب الثمينة لهذه الأشجار وبيعها. كما استغل هذا الشخص عملية بناء مستوصف في المنطقة واجتث الأشجار من حوله، كما يقوم كل يوم بقطع المزيد من الأشجار، من دون معرفة لماذا لم توقفه مصالح المياه والغابات عند حده، علما أنها تتوفر على حراس، وتعتبر هذه الأراضي تحت وصايتها القانونية والفعلية. من جهته قال رئيس جماعة خميس أنجرة، عبد السلام الخياط، في اتصال مع "المساء"، إن ما يجري بالمنطقة يندى له الجبين، وألقى باللوم على مصالح المياه والغابات التي لم تتحرك لوقف هذه الجريمة البيئية والقانونية. وقال الخياط إن الجماعة القروية لا يمكنها قانونيا التدخل لأن الأراضي المنهوبة توجد تحت وصاية مصالح المياه والغابات، التي يفترض أن توفر الحراسة لهذه الأراضي عن طريق حراسها في المنطقة. وحول عدم استفادة الجماعة من عائدات الأشجار في المنطقة عن طريق بيعها قانونيا أضاف رئيس جماعة خميس أنجرة أن الجماعة لم تقم بأية سمسرة عمومية لاستغلال أخشاب الأشجار لأن المعني بهذه السمسرة هي مصالح المياه والغابات. غير أن هناك تساؤلا محيرا وهو سر صمت الجماعة القروية عما يجري بالمنطقة، حيث لم تقم بإخبار الجهات المعنية بعملية النهب واجتثاث الأشجار، رغم أن رئيس الجماعة يمر يوميا من المنطقة ويشاهد ما يجري، لكنه فضل الصمت. بل إن رئيس الجماعة رفض في وقت سابق دعوة من بعض المستشارين الجماعيين بكتابة رسالة عاجلة إلى السلطات ومصالح المياه والغابات لتنبيهها لعملية نهب الأراضي واجتثاث الأشجار، غير أن رئيس الجماعة رفض ذلك لأسباب غير مفهومة. كما أن أعوان السلطة يمرون يوميا من “مكان الجريمة،” ولا يبلغون عما يحدث، وهو ما دفع السكان إلى اعتبار السلطات “متواطئة”. وتحولت مؤخرا مناطق كبيرة في دائرة خميس أنجرة إلى أمكنة مستباحة لكل من يريد نهب الأراضي واجتثاث الأشجار، وهو ما جعل الناس يتذكرون ما يسمونها “أيام السيبة”، عندما كان كل واحد يفعل ما يحلو له، في غياب تام لهيبة القانون. وينتظر السكان أن تتدخل الوكالة الوطنية للمياه والغابات بشكل عاجل وفوري لوضع حد لهذه الفوضى الخطيرة في المنطقة ومتابعة الناهبين أمام القضاء، وفي حال استمرار الصمت والتواطؤ فإن ذلك قد يفتح الباب على مصراعيه لقيام آخرين بنهب الأراضي واجتثاث الأشجار، وهو ما يعني حدوث فوضى مطلقة لا أحد يقدر نتائجها الوخيمة.