المساء اليوم - ع. الدامون: كل هذه السنوات مرت على تأسيس حزب "الأصالة والمعاصرة"، ومع ذلك فإنه لا يزال يمثل في أذهان الناس ذلك الحزب الحديث النشأة الذي ولد وفي فمه أكثر من ملعقة ذهب.. وفضة.. ونحاس وباقي المعادن. وبعد أيام سيعقد الحزب مؤتمره الوطني الخامس، وسط فتنة داخلية تلت اعتقال عدد من رؤوسه البارزة بتهم الاتجار في المخدرات وقضايا أخرى، وهذا لوحده يكفي لكي يجعل من هذا المؤتمر اجتماعا للنواح. منذ السنوات الأولى لتأسيسه شكل "البام" غولا انتخابيا حقيقيا واكتسح الكثير من الدوائر الانتخابية، من دون أن ننسى أنه كان يتوفر على أزيد من 60 مقعدا انتخابيا حتى قبل خوضه أية انتخابات، و هذه ظاهرة نعترف بأننا لا نعرف لها مثيلا في باقي بلدان العالم. في ذلك الوقت كان الانتماء لهذا للحزب، الذي اختار الجرار أو "التراكتور" شعارا له، يمثل امتيازا كبيرا على المستويين السياسي والاجتماعي، وتسابق الكثيرون إلى الوقوف في طابور الالتحاق، وبينهم كثير من النطيحة وما عاف السبع، وفي مرحلة لاحقة كان الحزب يضرب في صدره مثل غوريلا هائجة وينادي: هل من منازل..! لكن مطبات الطريق كانت كثيرة، فقد أدرك قادة هذا الحزب أن عمر حزبهم قد يكون قصيرا، خصوصا خلال مرحلة "الربيع العربي" حين تحول الحزب إلى ما يشبه الجذام، وتسابق الكثيرون للتبرؤ منه وإعلان استقالات جماعية بالجملة لأنهم كانوا يبحثون فقط عن حماية سياسية، وحتى قانونية، بسبب سيرهم الوسخة في كثير من المجالات، وحين أحسوا بقرب غرق السفينة فعلوا كما تفعل كل الجرذان.. كانوا أول من يهرب. هنا لا نزعم أن الأصالة والمعاصرة شيطان وسط أحزاب ملائكة، بل فقط لأنه حزب ينطبق عليه المثل المغربي القائل "الفار المقلق من سهم القط".. وهذا الحزب كان مستعجلا جدا للحكم.. ولم تكن تهمه الكثير من الأشياء الأخرى. مرت مياه كثيرة من تحت الجسر وتغير الكثير من زعماء هذا الحزب وتغيرت الكثير من الأشياء وظل "البام" صامدا مثل جثة فرعون محنط، وتوقع كثيرون انهياره شبه الكامل خلال انتخابات شتنبر 2021، قبل أن تحدث "المفاجأة" ويحصل الحزب على المرتبة الثانية وكان يطمع في قيادة الحكومة.. فسبحان من يحيي العظام وهي رميم. هكذا خرج الحزب من موته السريري وانتعش بعد الانتخابات، بل وفرض عمداء في المدن الكبرى، حتى لو كانوا عمداء من ورق، وصار يطمح إلى قيادة الحكومة ما بعد انتخابات 2026. لكن الأيام التي تفصل هذا الحزب عن ذلك الطموح تعتبر ملغومة بكل المقاييس، وحتى الآن فإن بعضا من أبرز وجوهه توجد خلف القضبان، ومن يدري ماذا سيحدث في الأيام والشهور، وحتى السنوات المقبلة، في حال استمرت لعبة "الدومينو" وتتالى تساقط الرؤوس. ما يحدث للبام اليوم بدأت أسبابه في أولى أيام تأسيسه، فقد كان حزبا بمنطق "الجماعة"، وهيمنت عليه لغة المصالح والعلاقات، وبحث فيه كثيرون عن مخبأ سري لأنهم كانوا يؤمنون بفكرة "من ركب التراكتور فهو آمن"..! لن نشرح المزيد.. والأيام المقبلة قد تكون حبلى بالمفاجآت.. والمؤتمر الخامس قد يكون مناحة، والمثل المغربي يقول " من الخيمة خرج مايل".