المساء اليوم: مر أزيد من أسبوعين على تقرير منشور في عدد من وسائل الإعلام المغربية حول "تبخر" أزيد من سبعة ملايير سنتيم في عهد عمدة طنجة، منير ليموري، من دون أن يظهر أي أثر للحقيقة، باستثناء بيان "حقيقة" باهت للجماعة الحضرية. وكان التقرير تحدث عن "تبخر أموال ضخمة من تمويل البنك الدولي لمشاريع وهمية كانت المدينة في أمس الحاجة إليها، وكانت مرتبطة بمشاريع الكفاءة التدبيرية للبنية التحتية ونجاعة التدبير المرتبط بالطاقة والمياه". وحسب التقرير فإن دفعة أولى بقيمة 50 مليون درهم (خمسة ملايير سنتيم) توصلت بها جماعة طنجة وصرفت في عهد العمدة السابق محمد البشير العبدلاوي، عن حزب "العدالة والتنمية"، في مشاريع لا توجد على أرض الواقع. كما توصل المجلس الجماعي الحالي، في عهد العمدة منير ليموري، عن حزب "الأصالة والمعاصرة"، بدفعة ثانية من تمويل البنك الدولي بمبلغ 70 مليون درهم (سبعة ملايير سنتيم)، والذي يفترض أنه صرف بالكامل، غير أن البنك الدولي لا يزال حائرا في معرفة المسالك التي تم فيها صرف هذا المبلغ، في حال تم صرفه فعلا. ووفق الاتفاقية المنجزة بين البنك الدولي والجماعة الحضرية لطنجة فإن مبلغ 14 مليار سنتيم، في دفعتيه، كان مخصصا لتعزيز كفاءة تدبير المشاريع والنجاعة الطاقية وتحسين قدرة تسيير قطاع التطهير السائل وترشيد استهلاك الطاقة والماء الصالح للشرب. غير أن الجماعة الحضرية خرجت مؤخرا ببيان توضيحي يشير إلى صرف الدفعة الثانية من تمويل البنك الدولي (7 ملايير سنتيم) في مشاريع لا علاقة لها بالاتفاقية، بل إن عددا من المشاريع التي أشار إليها بيان عمدة طنجة، تم إنجازها قبل وصول دعم البنك الدولي، مثل الأنفاق الطرقية، والتي لا علاقة لها أصلا بالاتفاقية. والمثير أن نواب العمدة أنفسهم لم يكونوا يعلمون بهذه الاتفاقية ولا بالمبلغ الذي دفعه البنك الدولي، وفوجئوا بدورهم بخبر تبخر السبعة ملايير في أشياء لا يزال علم الحساب غير قادر على تفسيرها. المجتمع المدني بطنجة لا يزال في حالة صدمة، وارتفع منسوب هذه الصدمة بفعل السكون المثير للريبة حول هذا الموضوع، خصوصا مع عدم فتح تحقيق مع المدير العام السابق للمصالح والمستشار الخاص للعمدة منير ليموري، والذي كان هو المخاطب الرئيسي والرسمي للبنك الدولي والمشرف بشكل شخصي على تنزيل هذا البرنامج. كما تثار تساؤلات حول الدفعة الأولى (5 ملايير سنتيم) في عهد العمدة العبدلاوي، وهي الفترة التي كان فيها نائبه، محمد أمحجور، بمثابة الصدر الأعظم للعمودية ويتحكم في كل شيء تقريبا. ووفق مصادر مطلعة، فإن خبراء البنك الدولي، الذين صُدموا من غياب أي أثر للمشاريع التي تم تمويلها بوساطة من وزارة الداخلية، لا يزالون ينتظرون فتح تحقيق، علما أن السلطات سبق أن أوفدت لجنة تحقيق تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، من دون الكشف عن نتائج ذلك حتى الآن. ويتخوف المجتمع المدني بطنجة من أن يؤدي التقارب الكبير والسريع بين والي طنجة، محمد مهيدية، وبين العمدة ليموري، إلى إقبار هذا الملف، وهو ما قد يؤدي إلى وضع المغرب في مأزق كبير، على اعتبار أن هذا الملف سيدفع البنك الدولي إلى توقيف تمويل عدد من البرامج بعدد من المدن المغربية، والتي سبق أن استفادت من عشرات الملايير الموجهة لمشاريع البنيات التحتية والنجاعة الطاقية. وكان والي طنجة وجه مؤخرا تحذيرا شديد اللهجة لخصوم العمدة ليموري (البام)، وقال بالحرف"من آذى العمدة فقد آذاني"، وهو ما يمكن أن يجعل العمدة يختبئ خلف ظهر مهيدية للتهرب من فتح تحقيق معمق حول السبعة ملايير التي تم صرفها في عهده على مشاريع غامضة.