كانت تأخذ باليمنى وتصفع باليسرى: إسبانيا تتوقف عن اللعب على الحبليْن

المساء اليوم – هيأة التحرير:

يقول مثل إنجليزي شهير “أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا”..

هذا بالضبط ما حدث مع جيراننا الإسبان، الذين كانوا يعرفون جيدا أن الطريق الوحيد لتطبيع العلاقات المغربية الإسبانية يمر عبر موقف واضح وصريح من الصحراء، لكنهم عاندوا طويلا وضيعوا الكثير من الوقت.. وفي النهاية عادوا إلى جادة الصواب.

والمؤسف أن الإسبان لم يضيعوا فقط عاما من عمر العلاقات المغربية الإسبانية، بل ضيعوا عشرات السنين، منذ المسيرة الخضراء وإلى اليوم، حين راهنوا، بشكل مرضي، على انفصال الصحراء وجعلوا من جبهة البوليساريو رهانهم الأوحد والوحيد، في الوقت الذي كانوا يجنون فيه الملايير والمصالح من وراء علاقاتهم الاقتصادية مع المغرب.. لقد كانوا يقبضون من المغرب باليد اليمنى ويصفعونه باليد اليسرى.. كانوا الشركاء التجاريين رقم واحد للمغرب.. والشركاء السياسيين رقم واحد للبوليساريو. إنها معادلة صعبة، لكن الإسبان طبقوها بكثير من المكر.

اليوم ينطبق على حكومة مدريد المثل العربي البليغ “على نفسها جنت براقش” حين استقبلت زعيم البوليساريو بهوية مزورة.. ففي النهاية كان لا بد لإسبانيا أن تفهم أن قضية الصحراء منتهية بالنسبة للمغاربة، وأن من يساند الانفصاليين يلعب في الوقت الضائع ويصنع المزيد من الخراب في المنطقة.

ومن المثير أن إسبانيا تعرف أكثر من غيرها أن قضية الصحراء لم تكن لتوجد من الأصل لولا بعض الظروف التاريخية التي تشبه كثيرا كيفية استيلاء فرنسا على أجزاء واسعة من الصحراء الشرقية للمغرب وإلحاقها بالجزائر الفرنسية، وعندما استقل أشقاؤنا في الجزائر بادروا بسرعة خرافية إلى رفع شعار “لا مساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار”.. ولم يكتفوا بذلك، بل أرداوا تسليم الصحراء الجنوبية المغربية إلى صنيعتهم البوليساريو، لسبب واحد وهو محاصرة المغرب وتحويله إلى رهينة بين البحر وبينهم.

عموما.. نهنئ إسبانيا بعد أن عاد إليها بعض رشدها، ونتمنى أن تسير حكومة مدريد مستقبلا في طريق واضح وشفاف وخال من النفاق واللغة المزدوجة، مهما كان الحزب أو الأحزاب الحاكمة.. وما نتمناه أكثر هو أن ندعو أشقاءنا الصحراويين، من داعمي أطروحة الانفصال، إلى أن يستوعبوا جيدا أنه لا توجد قضية صحراوية، بل قضية شعب مغربي في وطن واحد بهموم واحدة ونضال واحد ومستقبل واحد.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )