المساء اليوم - هيئة التحرير: في بضعة أيام فقط تلقى المغاربة صدمتين كبيرتين من شخصيتين سياسيتين رفيعتين تقودان حزبا يقول إنه، ولا أحد غيره، سيقود ما يسمى "حكومة المونديال" بعد الانتخابات التشريعية المقبلة. الصدمة الأولى تتعلق بالقيادي في حزب "الأصالة والمعاصرة" ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، والمتهم بأنه مارس غشا في التصريح بالمبلغ الحقيقي لشراء عقار اقتناه مؤخرا. وحسب التسريبات فإن الوزير وهبي اقتنى العقار لزوجته، وهذه رومانسية يشكر عليها وتُحسب له، غير أن الرومانسية الحقيقية تقتضي ألا يلطخ اسم زوجته بغش ضريبي، فيعرف المغاربة كلهم ذلك، وهو ما قد يدفعهم إلى اعتبار تلك الرومانسية مغشوشة أيضا. الصدمة الثانية تتعلق بحدث مشابه جدا، و هذه المرة مع الرئيسة الفعلية للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري، وكأن قادة "البام" مصابون بلوثة اسمها "الغش والتهرب الضريبي". المنصوري، التي لا ينقصها "الخير والخمير" تماما مثل وهبي، تورطت في ملف ما يعرف ب"أرض الكِيش"، وتملّك غريب لأرض فلاحية شاسعة الأطراف بضواحي مراكش، بتفاصيل تصيب بالدوار. المثير أن وهبي، صاحب التصريح الضريبي المغشوش، كان بدوره أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، وبعدها ترك مكانه للحاجة "بنت الباشا"، كما يسمونها في مراكش، في انتقال سلمي للسلطة، قبل أن يخوضا معا حربا "دموية" ضد المال العام. وإذا أضفنا إلى هذا "فضائح الخيال العلمي" لعمدة طنجة الذي ينتمي إلى نفس الحزب، والذي أصبح يحمل لقب "عمدة الفضائح"، فإننا سنصاب بصدمة ثلاثية الأبعاد 3D في حزب فقد ماء الوجه وتحول إلى شيك بدون رصيد، ومع ذلك لا يزال يطمح إلى قيادة البلاد في فترة هامة من مسيرتها. ودون الانغماس في سرد التفاصيل التي يعرفها المغاربة، نكتفي فقط بوضع أيدينا على قلوبنا، ليس لأن حزبا مثل "الأصالة والمعاصرة"، الذي يوجد عدد من قادته "السابقين" في السجن بسبب تجارة المخدرات وأشياء أخرى، ينوي قيادة الحكومة المقبلة، بل لأن المشهد السياسي والحزبي في البلاد يسير من سيء إلى أسوأ، وقادة الأحزاب يتنافسون في تكديس الثروات والتطاول في البنيان والاحتيال على المال العام، بينما هذا الشعب المغبون يكتفي بالتفرج على هذا "الكلاسيكو" المثير جدا..! في النهاية نطرح سؤالا مصيريا، هل هذه بلاد جدية فعلا في محاربة الفساد أم أنها تمارس "السماوي" على شعب تائه وتقنعه بأن هناك حقا حربا على الفساد والمفسدين..! ونعيد السؤال بصيغة أخرى: هل هناك ضوء في نهاية النفق..!؟ هذا النفق الطويل جدا.. أكثر من قدرتنا على الصبر والتحمل، أم أن الفساد سيظل ممسكا بيد بعضه البعض في جولة رومانسية طويلة المدى..!