لافروف لن يمنح الجزائر “قُبلة الحياة”.. والمواقف المغربية بخصوص أوكرانيا أسعدت موسكو

المساء اليوم – أ. مرادي:

زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للجزائر، الثلاثاء، أثارت تساؤلات حول أبعادها ودلالاتها وحتى توقيتها،حيث التقى لافروف نظيره رمطان لعمامرة والرئيس عبد المجيد تبون.

وحسب ما أفادت وسائل إعلام جزائرية، فإن “الزيارة تأتي بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وروسيا” بدون تفاصيل إضافية، بينما الشيطان يكمن في التفاصيل.

وكانت مصادر دبلوماسية جزائرية، قد أفادت أن لافروف سيبحث في الجزائر الأزمتين الأوكرانية والليبية والوضع في الشرق الأوسط، ومستجدات أسواق الطاقة.

وإذا كان من الأكيد أن لافروف سيبحث في الجزائر موضوع الطاقة، فإنه لن يتجشم وعثاء السفر من موسكو حتى الجزائر من أجل مواضيع في الشرق الأوسط أو الأزمة الليبية، لأنها أضحت مواضيع كلاسيكية جدا بعد مستجدات العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا.

وتقول مصادر محايدة إن الجزائر تعوّل كثيرا على زيارة لافروف، من أجل تليين الموقف الروسي بخصوص تصدير الجزائر لمزيد من الغاز نحو أوربا لتعويض الغاز الروسي، خصوصا في ظل المصاعب الاقتصادية في الجزائر، وإرهاصات عودة الحياة إلى الحراك إلى الشارع الجزائري، والإلحاح الاوربي المستمر لاستيراد المزيد من الغاز من الجزائر.

غير أن موسكو تعتبر أن هذا الموقف من جانب الجزائر سيكون طعنة في ظهر الروس، وهو ما أبلغته موسكو من قبل للجزائريين، غير أن التأكيد على الموقف الروسي كان يتطلب زيارة شخصية من لافروف لإيصال رسالة واضحة لحكومة تبون، وهي “ولا قطرة إضافية من الغاز الجزائري لأوربا” لتعويض الغاز الروسي.

كما تطمح الجزائر إلى نيل موافقة روسية على دعم خط الغاز النيجديري الجزائري، وتعويض فكرة إقامة خط الغاز النيجيري المغربي، الذي يحظى بحماس روسي، حيث أعلنت موسكو مؤخرا أنها مستعدة للاستثمار في الخط بين لاغوس وطنجة، والذي يمر عبر 12 بلدا إفريقيا، عوض الخط بين نيجيريا والجزائر، والذي يمر عبر ثلاثة بلدان.

ويبدو أن الحكومة الجزائرية لن تناقش طويلا المواقف الروسية التي تعتبرها موسكوا حيوية بالنسبة لمصالحها وأمنها الاقتصادي، حيث سافر لافروف إلى الجزائر لإيصال المواقف الروسية وليس لتلقي أمنيات الحكومة الجزائرية.

غير أن الجزائر لا تريد أن تقدم تنازلات بالمجان فيما يخص قضايا الغاز، بحيث تريد الحصول على مكاسب سياسية من وراء هذه التنازلات، وهي الحصول على موقف روسي قوي بخصوص قضية الصحراء، وخصوصا بعد الموقف الإسباني الجديد حول مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي رسم انعطافة تاريخية بخصوص هذه القضية المتشابكة منذ قرابة 50 عاما.

ومن الأكيد أن لافروف سيجد نفسه في موقف حرج أمام “الأصدقاء” الجزائريين، فيما يتعلق بقضية الصحراء، لا سيما بعد نهج المغرب للحياد في الموضوع الأوكراني، والتعاون الاقتصادي المتزايد بين الرباط وموسكو، وتقديم المغرب خدمات لوجستية للطيران الروسي بعد إقفال الأجواء الأوربية في وجهه، ورفض المغرب لمطالب ملحة من جانب أوكرانيا لدعمها ضد روسيا.

ولا يتوقع المراقبوزن أن تكون زيارة لافروف للجزائر بمثابة “قبلة الحياة” للحكومة الجزائرية، بقدر ما يعتبرونها تكريسا للأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد، لأن أقصى ما يمكن أن تعد به موسكو الجزائر هو الاستمرار في اعتبار موسكو والجزائر حليفين رئيسيين، بغض النظر عن طبيعة هذا التحالف ومدى المصالح التي يحققها.

وتعود آخر زيارة لوزير الخارجية الروسي للجزائر إلى يناير 2019 أي قبل أكثر من شهرين من استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الجيش واحتجاجات شعبية غير مسبوقة.

وكان تبون تحدث هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أبريل الماضي، و”اتفق الرئيسان على أهمية تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين، والاجتماع القادم للجنة المشتركة، للتعاون الاقتصادي”، التي تأجلت بسبب جائحة كورونا، بحسب ما أفادت الرئاسة الجزائرية.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )