حمزة الوكولي قد يبدو للوهلة الأولى غريبًا أن يتأهل المنتخب المغربي لكأس العالم 2026 دون أن تغمر الاحتفالات شوارع الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وباقي المدن. في الماضي، كان مجرد سماع صافرة النهاية يعني نزول الآلاف إلى الشوارع، أعلام مرفوعة، أبواق سيارات، وأغانٍ وطنية. فما الذي تغيّر؟ الحقيقة أن المغاربة لم يعودوا يرون في "التأهل" بطولة. بعد ملحمة قطر 2022، حيث أصبح المغرب أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى نصف نهائي المونديال، تحوّل سقف الطموحات. لم يعد المونديال حلمًا بقدر ما صار محطة عادية لمنتخب من المفترض أن يكون بين الكبار. الفرح هذه المرة موجود، لكنّه داخلي، هادئ، بارد، أقرب إلى ابتسامة رضا وليس إلى انفجار جماهيري. كأس إفريقيا… الحلم الذي لا يشيخ منذ 1976، والكأس الإفريقية تنأى عن المغرب. أجيال مرّت، أسماء صنعت المجد في أوروبا، إنجازات فردية، لكن اللقب القاري ظل عصيًا. هنا يكمن جوهر القضية: الشعب لم يعد يطالب بالمشاركة في المونديال، بل يريد "الكأس". بالنسبة له، استعادة لقب إفريقيا هي المعركة الحقيقية، هي الامتحان الذي سيحدد إن كان هذا الجيل ذهبيًا حقًا أم مجرد محطة عابرة. الركراكي بين البطولة والجدل وليد الركراكي، بطل قطر وصاحب الرأس "الصلب"، لم يسلم من النقد. فلسفته التكتيكية، التي تمزج بين الانضباط الدفاعي والبراغماتية، لم تعد تقنع كل الجماهير. هناك من يخشى أن تتحول قوته في العناد إلى ضعف، وأن تُهدر على يديه فرصة تاريخية للهيمنة على القارة. الناس يريدون فريقًا يهاجم، يفرض نفسه، ويعيد الهيبة للمغرب إفريقيًا قبل عالميًا. لذلك، لم يجدوا سببًا للاحتفال بمجرد "تأشيرة سفر" إلى المونديال، بينما الحلم الإفريقي ما زال معلقًا. فرحة مؤجلة… وامتحان قادم غياب الاحتفالات لا يعني أن المغاربة لم يفرحوا، بل يعني أن أولوياتهم تغيّرت. أرادوا أن يبعثوا رسالة واضحة: "المونديال ليس كافيًا… نريد إفريقيا." وعندما تُرفع الكأس الإفريقية يومًا ما في يد مغربي، عندها فقط ستفيض الشوارع فرحًا كما لم تفض من قبل. حتى ذلك الحين، سيظل الجمهور يراقب الركراكي، يتأمل اختياراته، يتساءل: هل يكون الرجل الذي يعيد أمجاد 1976؟ أم يكتفي بتاريخ قطر ويترك الحلم القاري معلقًا؟