المساء اليوم -تطوان: بدأ رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، مصطفى البكوري، تحريك المياه الراكدة في المنطقة الصناعية بمرتيل، بمدينة تطوان، بسبب تحكم لوبي خطير في مساحات واسعة من المنطقة الصناعية وتجزيئها وإعادة كرائها، وهو ما يعتبر مسا خطيرا بالأسس التي قامت عليها هذه المنطقة وبقواعد الاستثمار الحقيقي. واستفحلت هذه الظاهرة بشكل كبير في عهد الرئيس السابق للجماعة الحضرية لتطوان، محمد إدعمار، من حزب "العدالة والتنمية"، والذي تُشير إليه أصابع الاتهام بالتواطؤ مع هذا اللوبي الخطير، ليس فقط عبر عدم فرض القوانين المتعلقة بالاستثمار، بل أيضا عبر إخفاء وطمس وثائق رسمية تطالب بزجر المستثمرين الوهميين الذين يعمدون إلى تملك أراضي بالمنطقة الصناعية وإعادة كرائها. ووفق مصادر "المساء اليوم"، فإن رئيس الجماعة الحضرية الحالي، البكوري، بصدد تشكيل لجنة خاصة مهمهتها التحقيق فيما تعرفه المنطقة الصناعية بمرتيل، عبر القيام بجرد تفصيلي لكل العقود المبرمة بين "المستثمرين" وبين الجماعة، والإطلاع على تفاصيل كل البقع الأرضية في المنطقة ومدى استيفائها لدفاتر التحملات المتفق حولها بين الجماعة و"المستثمرين". ويقوم عدد كبير من هؤلاء المستثمرين الوهميين بخرق قواعد دفاتر التحملات، التي تفرض عليهم تشغيل أيدي عاملة عبر استثمارات حقيقية، بحيث لجؤوا إلى المضاربة السهلة في البقع المُخصصة لهم عبر تجزيئها وإعادة كرائها كمخازن، في الغالب، وهو ما يضرب في الصميم أهداف المنطقة الصناعية والعرض من خلقها. وينص البند 7.03 من دفتر التحملات على أنه "يمنع إنجاز أي تجزيء لأي سبب كان، كما لا يمكن الموافقة على كراء القطعة الأرضية المفوّتة…". ويُرتقب أن تكون الأيام والأسابيع القليلة المقبلة حاسمة في حلحلة هذا الملف، مع إمكانية حله، بعد أن تحولت المنطقة الصناعية بمرتيل إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة إلى الكثير من المضاربين، الذين يتقمصون صفة مستثمرين، علما أن كل ما يقومون به هو تملك قطع بالمنطقة وتجزيئها وإعادة كرائها كمخازن، وهو ما يوفر لهم دخلا شهريا ضخما. وبالموازاة مع تحرك رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، فإنه يُرتقب أن تدخل السلطات الإقليمية في الموضوع، حيث أن والي الجهة، محمد مهيدية، هو رئيس اللجنة الإقليمية لتخصيص البقع الأرضية بالمنطقة الصناعية قصد الاستثمار، وعملية السحب تكون أيضا من طرف هذه اللجنة التي يشرف عليها الوالي. ويعتبر هذا الملف الأكثر أهمية حاليا على مكتب رئيس الجماعة، مصطفى البكوري، وأيضا في يد والي الجهة، حيث يرتقب حله في ظرف لا يزيد عن ستة أشهر، خصوصا في وقت يستأسد فيه لوبي المنطقة الصناعية، عبر نشر مزاعم تقول إن "لا أحد، على الإطلاق، سواء بين المنتخبين أو في السلطة، أو حتى في الحكومة بشكل عام يمكن أن ينتزع هذا الريع من أيدي المستفيدين منه". وتترجم هذه المزاعم درجة القوة التي أصبح يحسها لوبي الفساد بالمنطقة الصناعية بمرتيل. ويعتبر المدعو “س.ظ” أحد أكبر رؤوس هذا اللوبي المتحكم في المنطقة الصناعية، والذي يقوم بكراء محلات كمخازن أو يؤجرها لمقاولين آخرين لم يسعفهم احتكار هذا اللوبي من الاستفادة من محلات في المنطقة الصناعية. يذكر أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، سبق أن توصل بعدة شكايات في الموضوع، وكانت هناك مراسلة حكومية موجهة إلى الجماعة الحضرية لتطوان تطلب إعادة هيكلة شاكلة للمنطقة الصناعية ووقف اقتصاد الريع، غير أن هذه المراسلة، التي صدرت سنة 2016، اختفت تماما في زمن إدعمار، وهو ما جعل الاتهامات توجه له بالتواطؤ مع لوبي الفساد في المنطقة. وتبدو الآن المواجهة واضحة وثنائية بين القانون، المتمثل في الجماعة الحضرية وسلطات الجهة، وبين لوبي الفساد والريع، المتمثل في مستغلي المنطقة الصناعية بمرتيل، ومعهم لوبي أخطبوطي يمتد داخل الإدارات وداخل أجهزة معينة، وهو لوبي مافيوزي حقيقي يقضي على فرص الشغل لآلاف الأيدي العاملة في منطقة تعاني ركودا اقتصاديا صعبا وأوضاعا اجتماعية مزرية بفعل قلة فرص الشغل وانعدام المناطق الصناعية الحقيقية.