ليلى والكنغر: ولا يزال استغباء المغاربة مستمرا..!

عبد الله الدامون
damounus@yahoo.com

لم يكن لأحد أن ينتبه إلى “الكنغر الذهبي” الذي تعلقه وزيرة الانتقال الطاقي على سترتها الزرقاء وهي تتوسد مقعدها الوثير في البرلمان. ولم يكن لأحد أن ينتبه إلى حذاء الوزيرة ولا لأسفارها وصفقات وزارتها وحياتها الشخصية والعامة لولا ظهور صورة “رجل وامرأة” في شارع عام بالعاصمة الفرنسية باريس وهما يتبادلان ما يشبه “قبلة حميمية”.

ليلى بنعلي، المعنية بتلك الصورة، انتظرت دهرا قبل أن تصدر بيانا غامضا تكاد تقول فيه إنها هي..  لكنها ليست هي، ولم تنس التهديد بمقاضاة وسائل الإعلام المغربية التي “تحك على الضبرة”، لكنها نسيت تماما مقاضاة موقع “The Australian” الذي نشر الصورة ملفوفة في مقال يؤكد فيه أن من يظهر في الصورة هي ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في الحكومة المغربية. ولم تنس الصحيفة الأسترالية أن تسخر من الوزيرة في العنوان عندما وصفتها بأن لديها “فائض من الطاقة”!

عموما فإن ليلى بنعلي ليست أول من يفعلها، والمقصود هو البحث عن “الحيط القصير” لكي تجره نحو القضاء، لأنها لا تجرؤ على مقاضاة صحيفة قوية يمتلكها إمبراطور الصحافة اليهودي، روبيرت مردوخ، الذي يطيح بحكومات وأنظمة، وليس فقط بوزير عابر في حكومة.

في البيان الذي خرجت به بنعلي، وفي تصريحات سابقة، أصرت الوزيرة على استغباء المغاربة حينما ورطت وزارتها في بيان النفي، أي أنها ورطت الحكومة، وكان حريا بها أن تصدر بيانا شخصيا وليس وزاريا، اللهم إلا إذا كانت تريد توريط الوزارة في أشياء وحدها تعلمها.

في نفس البيان اتهمت بنعلي “لوبيات المصالح” بحبك مؤامرة ضدها، وهذا شيء خطير للغاية لأن الوزيرة تلمح إلى إمكانية تحول أصحاب المصالح المرتبطين بصفقات مع الدولة إلى شبكات مافيوزية، لذلك على الحكومة أن تخرج ببيان لتفسير بيان بنعلي.

هناك مشكلة أخرى وهي أن قياديين في حزب “الأصالة والمعاصرة” الذي تنتمي إليه بنعلي، صرحوا علنا أن هذه المرأة أحرجتهم، وأكيد أن الإحراج ليس بسبب الحذاء الذي كانت ترتديه “معالي” الوزيرة.

وفي كل هذا الضجيج، خرج أنصار الحداثة المزعومة لكي يدقوا طبول الحرب ويعلنوا النفير العام ضد كل من تسول له نفسه التدخل في الحياة الشخصية للناس، وهذا أخطر استغباء للمغاربة واستهانة كبيرة بذكائهم، لأن “هؤلاء الناس” هي وزيرة مسؤولة في حكومة منتخبة، وصديقها الأسترالي المفترض تربطهما علاقات مصالح تهم المال العام، ومن المحتمل أنه فاز بصفقات عمومية أو كان في طريقه للفوز بها.

كما أن وزيرة مغربية في حكومة منتخبة يفترض بها أن تراعي مشاعر الناس وتكون حذرة أكثر من اللازم لأنها حياتها الخاصة لم تعد خاصة بما يكفي لأن الأعراف الاجتماعية والأخلاقية تقتضي ذلك.

وبهذه المناسبة، من حقنا أن نسأل أنصار الحداثة أين كانوا عندما تم التنكيل بأمينة ماء العينين بعدما ظهرت في صورة “مرحة” في باريس بدون “خرقة”، وهي التي لا تتحمل أية مسؤولية وليس لديها فائض من الطاقة، وأين كانوا في حالات كثيرة مماثلة مع أشخاص كثيرين. لكن الحداثة عند هؤلاء مجرد عجينة في الجيب يعيدون تشكيلها في أي وقت وحسب الظروف.

لكن، وفي كل الأحوال، فإن بنعلي بريئة حتى الآن، ويمكن أن تستمر براءتها إلى موعد التعديلات الحكومية التي ستكون أولى ضحاياها. ويبدو أن الحسنة الوحيدة لملف “قبلة الكنغر” هي أنها ستعجل بالتعديلات الحكومية، والتي لن تغير شيئا في كل الأحوال، لكنها ستعلب دورا في حلحلة الملل العام المسيطر على البلاد.

عموما، في حال فكرت ليلى بنعلي في مقاضاة صحيفة مغربية مثلا، فالمنطق كان يقتضي مقاضاة الصحيفة الأسترالية أولا، لكن بنعلي تدرك أن المصور الذي التقط تلك الصورة “المبهمة” من الأكيد أنه التقط صورا أخرى “رائعة”، لذلك تفضل الوزيرة تهديد وسائل الإعلام المغربية وليس الصحيفة الأسترالية..!

لكن مسلسل “ليلى والكنغر” لا يزال طويلا..  خصوصا بعد كشف نفس الصحيفة عن عضوية الوزيرة في نفس الشركة التي يمتلكها صديقها، وهذه فضيحة أخرى تحتاج لكلام أطول..

وحتى لو أطاح التعديل الحكومي قريبا بالوزيرة، فإن المحاسبة يجب أن تستمر، ليس بسبب القبلة، بل بسبب الكذب واستغباء المغاربة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 2 )

  1. Iisme :

    لا تجرؤ على مقاضاة صحيفة قوية ، ليس بسبب قوة الجريدة ولكن لان الوزيرة خافت تكون الجريدة عندها صور اخرى . والوزيرة هي عضو في المجلس الاداري لشركة الصاحب ، وعضوة كذلك في المجلس الاداري ل OCP. رحموا هذا البلاد . لي بغا يدير شي عجب يبعد على المسؤولية وبينه وبين لي خلقوا ،

    0
  2. قارىء :

    قراءة مهنية وتحليل في المستوى.
    شكرا للمدون.

    0