المساء اليوم - هيئة التحرير: مر المؤتمر العام ال21 للحزب الشعبي اليميني الإسباني في أجواء تشبه الاحتفال المسبق بملحمة النصر الملحمي القريب، وبدا أن وصول الحزب لسدة الحكم في البلاد مسألة وقت، ليس إلا، وبأغلبية مطلقة على الأرجح. وبدا لافتا، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، ذلك التضامن القوي بين القادة الكبار للحزب، حيث عبر الرئيس السابق للحزب الشعبي والحكومة، ماريانو راخوي، عن دعمه اللامشروط للقيادة الحالية بزعامة نونيز فيخو، وهو نفس ما عبر عنه الرئيس الأسبق للحزب والحكومة، خوسي ماريا أثنار، الذي يتقن جيدا دق طبول الحرب، سواء ضد خصوم الداخل أو الخارج. وبينما يطلق الحزب الشعبي زغاريد الانتصار بالأغلبية المطلقة قبل الأوان، فإن الحزب الاشتراكي الحاكم، بزعامة بيدرو سانشيز، يعيش هذه الأيام أحد أحلك مراحله، حيث تتفجر داخله فضائح الفساد وتتساقط فيه الرؤوس الكبيرة مثل قطع دومينو، وهو ما يشي أن تهاليل الحزب الشعبي بالانتصار القريب لها ما يبررها فعلا. ما يهمنا في كل هذا كمغاربة هو أن هذا التغيير التراجيدي الوشيك في قمة السلطة بإسبانيا لن يمر من دون تأثير على العلاقات المغربية الإسبانية، حيث ستعود قضايا كبيرة إلى الواجهة، وقد يحاول اليمينيون الإسبان إعادة كل شيء إلى نقطة الصفر. ما يؤشر إلى هذا المعطى هو أن ممثلا عن البوليساريو كان حاضرا بالمؤتمر، وهو ما هللت له كثيرا وسائل الإعلام الجزائرية، بغض النظر إن كان عضو الجبهة الانفصالية ممثلا لها بالفعل أم مجرد "ممثل". قد يقول الكثيرون إن حزبا في المعارضة يختلف كثيرا عن وجوده في الحكم، مثلما كان حال الاشتراكيين الإسبان حين كانوا في المعارضة، وناوشوا كثيرا في قضية الصحراء، قبل أن يعيدوا حساباتهم بشكل جذري. لكن يجب أن ننتبه إلى مسألة أساسية، وهي أن الحزب الشعبي، سواء كان في المعارضة أو الحكم، فإنه تعوّد على استعمال الصحراء ورقة مساومة مع المغرب، وما شجعه كثيرا على ذلك أن المغرب لم يبادله نفس اللعبة عبر دعم المناطق الانفصالية في إسبانيا، وهي كثيرة مثل كتالونيا وبلاد الباسك وغيرها. كما أن اليمينيين الإسبان لهم عداء تاريخي نحو المغرب، وفي كل مرة يعانون من الملل يخرجون بتقارير تدق طبول الحرب وتعتبر المغرب العدو الاستراتيجي الأكبر لإسبانيا. كما أنه من المهم الالتفات إلى الحضور القوي لرئيس الحكومة الأسبق، خوسي ماريا أثنار، في مؤتمر الحزب الشعبي، وخطابه القوي الذي بدا فيه وكأنه يرسم خارطة المستقبل للحزب. أثنار هذا، هو الذي حول خلافا بسيطا في "جزيرة المعدنوس" (ليلى)، صيف 2002، إلى قضية حياة أو موت، وأرسل طائراته وجنوده إلى الجزيرة الصغيرة التي تضيق ببضع رؤوس من الماعز..! في كل الحالات يجب الانتباه إلى عقلية ونوايا قادة الحزب الشعبي أكثر من الانتباه لأقوالهم، ليس فقط بسبب غريزة الغدر، بل لأنهم لا يقرؤون التاريخ جيدا، وفي كل مرة يصلون فيها الحكم يظنون أن تاريخ البشرية انطلق للتو..!