المساء اليوم - حكيم اعديل: في كل يوم، يدخل إسبانيا المئات، وربما الآلاف من المهاجرين بطريقة غير قانونية، والكثيرون يفعلون ذلك عن طريق المطارات والموانئ، بينما قلة يتسللون إلى البلاد عن طريق قوارب سرية ترسو في شواطئ معزولة. ومع ذلك فإن السلطات الإسبانية لا تبدو منشغلة بهم، وكثيرا ما يستطيع هؤلاء تسوية وضعية إقامتهم في البلاد والحصول على عمل بطريقة سريعة وإلحاق عائلاتهم بهم. لكن إسبانيا تبدو منشغلة جدا بوصول 24 شابا مغربيا إليها دخلوا البلاد قبل أيام بطريقة غير قانونية، وتم القبض، إلى حد الآن، على أكثر من نصفهم، بينما تخوض السلطات الأمنية حملة حياة أو موت من أجل القبض على الآخرين، في أقرب وقت. سبب هذا الانشغال الرسمي الإسباني بهؤلاء المهاجرين السريين المتميزين هو أنهم أنفسهم الذين خلقوا الاستثناء قبل بضعة أيام ونظموا عملية تسلل غير مسبوقة عبر الطائرة التي انطلقت من الدار البيضاء نحو إسطنبول، والتي توقفت في جزيرة بالما دي مايوركا الإسبانية، بعد حبك سيناريو تمارض أحد الركاب، مما دفع الطائرة إلى التوقف، اضطراريا، في مطار إسباني، وبالتالي استطاع الشباب الأربعة والعشرين، كلهم مغاربة، وبينهم فلسطيني، التسلل إلى البلاد، ولو لفترة محدودة. وترى السلطات الإسبانية أن أي تهاون من جانبها سيجعل المطارات الإسبانية مستباحة أمام هذا النوع المستجد من الهجرة غير القانونية، إضافة إلى المخاطر الأمنية الكبيرة المرتبطة بهذا النوع من عمليات الهجرة، وكذلك الخسائر الاقتصادية الكبيرة الناتجة عنها، بسبب الاضطراب في الملاحة الجوية وتحويل وجهة عدد كبير من الطائرات نحو مطارات أخرى. ولم تتأخر مخاوف الإسبان في التحقق، فبضعة أيام بعد حادثة "الطائرة الباطيرا"، حدثت عملية مشابهة حين توقفت طائرة بمطار برشلونة الإسباني، كانت متوجهة من بيروت نحو كولومبيا، وتسلل منها 40 مسافرا لبنانيا، اعتصموا في المطار وطالبوا باللجوء إلى إسبانيا. وتعتقد السلطات الإسبانية أن هذه الحوادث ستتكرر كثيرا خلال الأشهر والسنوات المقبلة، لذلك تعلن باستمرار إلقاءها القبض على المزيد من ركاب الطائرة المغربية، كما أنها تعاملت بصرامة مع اللبنانيين الطالبين للجوء. وإلى حد الآن فإنه تم اعتقال 16 شابا مغربيا من منظمي عملية "الطائرة الباطيرا"، ومن المتوقع أن يتم القبض على الباقين في غضون أيام، حيث تخوض السلطات الأمنية الإسبانية حملة أمنية غير مسبوقة لاعتقالهم ومحاكمتهم بتهم ثقيلة. ولن تجد السلطات الإسبانية صعوبة كبيرة في القبض عليهم، حيث تتوفر على أسمائهم الكاملة وكل المعلومات الشخصية حولهم، حيث أنهم حصلوا على تذاكر الطائرة بعد أن أدلوا ببطائق هويتهم. كما أن السلطات المغربية تتعاون أمنيا مع الأمن الإسباني في هذا الحادث، وسبق أن زودت الإسبان بالصور الشخصية للمتسللين، رغم شكاوى الجانب الإسباني من كون المغرب تأخر كثيرا في التعاون حول الحادث. وفي حال القبض على جميع المتورطين في حادث الطائرة، فإن ما جرى سيدخل التاريخ، وربما لن يتكرر، وسيتذكره الناس على أنه واحد من أغرب عمليات الهجرة السرية، رغم النهاية غير السعيدة لمنظمي العملية.