من يُصدِّق إلياس العماري..!؟

عبد الله الدامون

عندما ظهر إلياس العماري، في حلته الجديدة في حوار تجهل أسباب نزوله حتى الآن، انشغل الناس بشعر رأسه أكثر مما انشغلوا بالأفكار التي تدور في رأسه، وهذا شيء طبيعي في بلد يمكن فيه لأي شيء خطف الأضواء في أي وقت.

أن يظهر إلياس العماري في هذه الأيام فهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، خصوصا بعد أسابيع فقط على إعلان إجراء عملية جراحية في الرأس لأمين عام حزب “الأصالة والمعاصرة” ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي نتمنى له تمام الصحة والعافية.

ما قيل في الحوار مع إلياس العماري لا يمكن تصديقه كله ولا تكذيبه كله، لكن عندما يظهر الثعلب في مكان ما فمن الأكيد أن هناك عملية افتراس قادمة.

وحتى الآن فإن أكبر فريسة ستقع بين أنياب العماري هو حزب “البام” بشحمه ولحمه، صحيح أن “ولد خديجة” أقسم باليمين المغلظة بأنه لن يعود إلى رئاسة البام، لكن هل سمعتم يوما عن ذئب جائع يقسم على عدم أكل نعجة طرية..!؟

يعرف إلياس أنه، بتسريحة شعره الجديدة على الخصوص، سيكون الرئيس الأنسب لحزب عاد من غرفة الإنعاش ليتسيد المشهد السياسي، ويعرف أن صديقه اللدود، عبد اللطيف وهبي، لن يطيل المقام على كرسي التراكتور، وفي البداية والنهاية فإن الحزب هو حزب إلياس، وهو تركه وديعة عند وهبي لفترة من الوقت حتى تمر العاصفة، وها هي العاصفة مرت ولم يبق أي معنى لبقاء العماري متسكعا في شواطئ ماربيا يمشط شعره ويتأمل قوام الروسيات المليحات.

يعرف إلياس العماري أيضا أن “هيبة” البام لا تزال مستمرة، وأن الكثير من كبار رجال السلطة الذين كانوا يقبلون رأس إلياس وهو في أوج قوته لن يترددوا مرة أخرى في فعل ذلك بعد عودته.. فالرجل لم يفقد بعد صفته الأزلية كصديق صديق الملك.

يقول إلياس، أيضا، إنه لا يطمح أبدا إلى تولي رئاسة الحكومة، وهذه المرة لم يقسم على ذلك، لكنه يستعد لانتخابات 2026 كما يستعد للحرب، وفي الكثير من فقرات الحوار تفلت من لسانه الثقيل عبارات خفيفة تشي بمكنون “نيته الغارقة”!

إلياس العماري الذي كان يشبه عريسا يستعد لليلة الدخلة في انتخابات 2016 وجد صعوبة كبيرة في استعادة وعيه بعد ظهور النتائج آنذاك، ولو كان الأمر بيده لركب “باطيرا” في جنح الليل، لكن للقدر أحكامه، وها هي الأيام تدور وتدور لكي نرى الرجل يظهر بشكله التركي الجديد وهو يقول للناس إنه لن يعود ولن يحكم ولن يفعل أي شيء، فلماذا ظهر إذن!؟

لم يبق زمن طويل على الانتخابات المقبلة، وإلياس، ابن الفلاح البسيط، يعرف جيدا قيمة الحكمة القائلة “دجاج السوق يبات مربوط”، وهو لن يتجشم عناء ربط الدجاج لأن دجاجه سيربط نفسه بنفسه، تماما كما كان يحدث في أيام “البام” الذهبية، قبل أن تعصف به رياح الربيع العربي، التي انحنى لها الحزب مثل حرباء متلونة.

إلياس العماري يهوى كثيرا الحديث كفيلسوف، حتى وإن كان هو نفسه لا يفهم ما يقوله أحيانا، إلا أن ذلك لا يمنع من الاعتراف بأن لا أحد مثله يقول “جبل”، ولا أحد غيره في هذه البلاد أعادوا له “تفصيل” جهة بكاملها حتى يكون رئيسها، ولا أحد غيره يعترف بأنه رضع مباشرة من ضرع نعجة وصلى بالناس بلا وضوء.

إلياس ظاهرة فعلا، إنه الحكيم والمجنون؛ الزاهد والجشع، الطيب والشرير، القاسي والوفي، وقلما تجتمع كل هذه الصفات في جسد كائن واحد..!

damounus@yahoo.com

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )