مودي وماكرون وجهان لعملة واحدة..!

المساء اليوم – أ. اعديل:

ربما فوجئ البعض بكون الهند ضيفة شرف الاستعراض العسكري الرسمي الكبير الذي جرى تحت قوس النصر بالعاصمة الفرنسية باريس، بمناسبة العيد الوطني الفرنسي ليوم 14 يوليوز، لكن الحقيقة أن فرنسا، والرئيس ماكرون على الخصوص، لم يتعمد خلق المفاجأة، فقد اختار جيدا ضيفه، لأنه يريد في النهاية العثور على حليف وجودي يتقاسم معه رؤية الماضي والحاضر والمستقبل.

خرجت فرنسا للتو من اضطرابات اجتماعية جهنمية بعد قتل شرطي فرنسي لصبي مغاربي في السابعة عشرة من عمره، من دون أي سبب واضح، ولا تزال فرنسا، حتى الآن تحصي خسائر الاضطرابات، بينما تبعات ما حدث ستلقي بظلالها على فرنسا لزمن طويل.

مباشرة بعد الاضطرابات وجدت باريس نفسها في قلب الاستعراض العسكري الأضخم، استعراض كان الفيلق الهندي ضيفه البارز، بينما استقبل الرئيس ماكرون نظيره الهندي، مودي، بكثير من الحفاوة والترحاب، بل بالأحضان، وهو مشهد نادر في البروتوكولات الرئاسية الفرنسية.

في المنصة وقف الرئيسان جنبا إلى جنب، وهما معا يحسان أنهما جنديان في جبهة واحدة ضد عدو واحد، المسلمون، لكن كل واحد منهما يقتل بطريقته الخاصة ولأسباب مختلفة.

في الهند استعاد مودي فلسفة وروح محاكم التفتيش في الأندلس وصار القتل بالمجان وبلا تهمة، بل وبلا شبهة، يكفي أن تكون مسلما هنديا لكي تستحق الموت.. يجب أن تموت أولا ثم يبحثوا لك عن تهمة، هذا هو التطرف الهندي الذي يقوده الرئيس مودي بكثير الهذيان الذي يقترب من الجنون.

لا يحدث الشيء نفسه في فرنسا، فالشرطة لا تقتل يوميا المغاربيين والأفارقة، لكن المتطرفين الفرنسيين يشبهون كثيرا المتطرفين الهندوس، الهند تتفوق فقط في قدرتها على تحقيق أحلامها على أرض الواقع بكثير من الحماس.

في ظل هذه الظروف عرف ماكرون كيف يختار ضيفه جيدا، إنه الضيف الذي يشبه النديم الذي يتقاسم مع نديمه أحلام الصحو واليقظة ويتفهم سلوكاته ويبررها، المضيف وضيفه يبدوان وكأنهما جنود الرب في القرون الوسطى، رغم أن أحدهما هندوسي والآخر مسيحي.

وقبل بضعة أيام كتب، شومونا سينها، رسالة مفتوحة قاسية اللهجة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤنبه فيها على دعوة مودي كضيف شرف في احتفالات 14 يوليوز، ويذكره بأن هذا المدعو رئيس دولة يقود سياسة هندوسية متطرفة وقاسية وفاشية ضد جميع الأقليات في الهند، خصوصا ضد المسلمين، وهو يستهزئ بحقوق الإنسان ومسؤول عن مذابح المسلمين والصحفيين وقادة المعارضة والنشطاء، وقد حوّل الديمقراطية الهندية إلى مهزلة مروعة، وهو يقودها نحو ثيوقراطية.

ونبه الكاتب الصحفي -الذي اختار فرنسا وطنا له لمحبته لها كما يقول- إلى أن مودي عضو مدى الحياة في مليشيا “آر إس إس” (RSS) الفاشية التي اغتال عضوها ناتورام جودسي المهاتما غاندي، متأسفا أن ماكرون دعاه في يوم يحتفل فيه الفرنسيون بقيم الحرية والمساواة والأخوة رغم أن الصحفيين والباحثين وعلماء السياسة والكتاب والمفكرين الفرنسيين والهنود كشفوا الجرائم السياسية لمودي وحزبه السياسي ومليشياته وأنصاره.

وتساءل الكاتب: هل الرئيس ماكرون بعد هذه الدعوة يعتبر حقا رئيسا لفرنسا؟ مؤكدا له “لقد فشلت بشكل خطير في أداء واجبك”، وسأله: هل تفهم الديمقراطية حقا وتحترمها؟ موضحا أن هذا الازدراء والسخرية والإنكار والقسوة لا يليق إلا بالحكام المستبدين، مختتما بأن تكريمه رئيس الدولة الهندوسي الاستبدادي ليس إلا مجرد مجاملة دبلوماسية بحتة، مخاطبا ماكرون “أنت الذي وصفته بأنه رجل صالح مثل أخيك”، فأنتما تلهمان بعضكما.

مودي وماكرون وجهان لعملة واحدة..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )