المساء اليوم - هيأة التحرير: منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، كانت تل أبيب تعرف أن العرب، والمسلمون عموما، لن يقدموا ولن يؤخروا في هذا الموضوع، وأن الكلمة العليا لأمريكا وأوربا التي تمسك بأعناق الحكام والشعوب معا.. الحكام مجرد دمى في أيدى الغرب.. والشعوب مجرد دمى في أيدي الحكام. في البداية كان الشارع العربي يعتمد مبدأ تغيير المنكر بلسانه، واستمر ذلك ردحا من الوقت قبل أن يتحول سريعا إلى تغيير المنكر بقلبه، ومع مرور الوقت بدا وكأن الناس نسوا غزة واعتبروها ثقلا كبيرا على همومهم ونفسيتهم المهتزة أصلا. اليوم نادرا ما نشاهد احتجاجات هنا وهناك، ونادرا ما نرى مظاهرات أو تجمعات تضامنا مع غزة، مع أن كل ذلك يهدئ فقط من روع المحتجين وليس الغزيين. لكن أهم ما اكتشفناه في كل هذه المذبحة المهولة التي تجري مباشرة أمام عيون العالم هو أن فلسطين ليست قضية عربية أو إسلامية، بل هي قضية إنسانية، وقد شاهدنا المظاهرات الضخمة التي خرجت في مختلف مدن بلدان العالم، وأوروبا على الخصوص. اليوم دخلت المجازر مائويتها الثانية بإيقاع أكبر، بحصيلة رهيبة من الضحايا من الأطفال والنساء، لأن رعب إسرائيل من المستقبل يدفعها إلى قتل المستقبل نفسه، وهو إبادة أطفال فلسطين لأنهم رمز نهايتها، لكنها تقوم فقط بتأجيل هذه النهاية. إسرائيل تدرك أنها مهما فعلت فلن تمسح أبدا عار السابع من أكتوبر 2023، فقد كان ذلك الهجوم مسمارا كبيرا في نعشها، لذلك تتصرف بهذه الوحشية المنقطعة النظير، كما يتصرف أي وحش يحتضر. ربما نكون نسينا غزة، فنحن اليوم منشغلون بالكرة وبالحياة اليومية وتفاصيلها التي لا تنتهي، لكننا لا ندرك أن غزة لم تكن أصلا في حاجة إلينا، لذلك نسيتنا قبل أن ننساها..!