المساء اليوم - هيئة التحرير: من قلب التراجيديا تولد الكوميديا، وهذا بالضبط ما حدث في قضية قصف إسرائيل للعاصمة القطرية الدوحة، في محاولة لاستهداف قادة حركة "حماس". أن تقتل إسرائيل أي أحد يتحرك فهذا ليس غريبا، فالأب الروحي للصهيونية، هيرودوت، قتل مائة ألف طفل في بضعة أيام، وظل يطلب المزيد، وأحفاده اليوم لا يزالون أوفياء لعقيدة جدهم الأكبر. لكن التفاصيل المضحكة في هذا الحادث هو أن قادة "حماس" كانوا مجتمعين أصلا لتدارس اقتراح من الرئيس الأمريكي ترامب من أجل هدنة أو وقف للحرب، أي أنه هو من جمعهم في مكان يعرفه جيدا..! كما أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هاتف أمير قطر، الشيخ تميم، بضع دقائق من بداية القصف الإسرائيلي، وأخبره أن إسرائيل ستقصف الدوحة، وعندما كان الأمير يحادث ترامب، كانت تصله أصوات الانفجارات القريبة جدا من قصره..! كان من الممكن ألا يتصل ترامب إطلاقا، لكنه ربما تذكر الهدية الثمينة التي أهداها له أمير قطر، وهي طائرة رئاسية فخمة جدا جدا، بسعر خرافي جدا جدا، وربما خشي أن يطلب الأمير استعادتها بعد القصف.. فاتصل لكي يخبره بالقصف الذي حدث، ولكي يؤكد له أن قصف الدوحة لن يتكرر أبدا، وكأن إسرائيل تقصف الدوحة كل يوم..! وجه آخر من الكوميديا كان تصريح ترامب بأنه ليس سعيدا بقصف إسرائيل للدوحة، وعبارة "لست سعيدا" تعني أيضا "لست غاضبا"، وفي النهاية فإنه عندما يتعلق الأمر بالعرب فإن الأمريكان يمكنهم استعمال كل العبارات المهينة، بما فيها تلك التي تتظاهر بالاحترام وتحمل في عمقها الكثير من الإذلال..! هناك مصادر تقول إن هاتفا من رئيس بلد، قريب من المنطقة، اتصل بقادة "حماس" شخصيا وطلب منهم مغادرة مقرهم فورا، فأفلت أغلب القادة الفلسطينيين. ربما خشي رئيس الدولة، التي تتوفر بلاده على جهاز استخبارات قوي جدا، أن يخبر الحكومة القطرية مباشرة، فيكون الأوان قد فات خلال عمليات نقل الرسالة من جهة إلى أخرى، ففضل إخبار المستهدفين مباشرة. في كل ما جرى فإن إسرائيل برهنت أنها وصلت، أخيرا، إلى العلو الكبير، أو العتو الأكبر، إنها الآن في قمة القمة من حيث الجبروت، وبطبيعة الحال فإن النزول، أو الانحدار، أو السقوط، لا يفترض أن يتأخر كثيرا. إنها حتمية مرتبطة بالرياضيات والفيزياء أكثر من ارتباطها بالسياسة والإيديولوجيا. على أية حال، تدرك قطر، أكثر من غيرها، أن القصف الإسرائيلي لا يمكن أن يتم أبدا من دون موافقة أمريكية، وربما مشاركة أمريكية، وقمة الكوميديا أن تكون الطائرات التي قصفت قطر قد انطلقت من قاعدة العُديْد الأمريكية في قلب قطر..! إنها دعابة فقط.. دعابة ثقيلة جدا..!