المساء اليوم - هيأة التحرير: مرة أخرى نضطر لتأمل الحكمة القائلة "عدو عاقل خير من صديق جاهل".. فنحورها قليلا ونجعلها "عدو عاقل خير من جار أحمق".. والمعني في هذه الحالة ليس سوى بلد المليون ونصف المليون شهيد.. الذي لم يعد الناس يذكرونه بشهدائه بقدر ما صاروا يذكرونه بنوادر حكامه.. حتى لا نقول حماقات حكامه. لسنا من دعاة تجييش العداوة بين الشعبين الشقيقين في المغرب والجزائر، فهذا لن يحصل أبدا، وستظل أواصر المحبة والأخوة قائمة بين الشعبين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. لكن المشكلة مع جارتنا الشرقية تتمثل في عقلية مسؤوليها، التي كثيرا ما تخرج عن المنطق وتأخذ طابع الكوميديا السوداء، وهذا حدث كثيرا، وآخر فصولها اتهام المغرب بنشر الحشرة القرمزية والقضاء على نبتة الصبار في الجزائر. لا نحسد حكام الجزائر على شيء بقدر ما نحسدهم على حسهم الكوميدي المذهل، ولو أن كتاب سيناريوهات الأفلام الكوميدية في هوليود تعلموا من المسؤولين الجزائريين لكانت الكوميديا الهوليودية أفضل بكثير مما هي عليه الآن. لن نعود إلى سرد ماضي الكوميديا الجزائرية، التي كانت أبرزها تحميل المغرب مسؤولية الحرائق التي نشبت من قبل في عدد من غابات البلاد، وبما أن النيران لا تتسع من دون رياح، فقد تم اتهام المغرب بتسخير الرياح أيضا لتوسيع رقعة الحرائق..! آخر اتهام جزائري هو مسؤولية المغرب في نشر الحشرة القرمزية، التي صارت فجأة مغربية قبل أن تكون قرمزية، ولا نعرف إن كان هناك دليل علمي حتى الآن على أن المغرب هو من اخترع هذه الحشرة، فهي موجودة منذ آلاف السنين، لكننا نعرف، على الأقل، أن هذه الحشرة قضت على كل نبات الصبار المغربي، فقررت أن تكمل طريقها نحو الجزائر، وربما بعدها نحو تونس ثم ليبيا ومصر وما وراء البحار.. فهي حشرة لا تشبع من التدمير. عندما قضت هذه الحشرة على الصبار المغربي لم يتهم المغرب أحدا، لا الجزائر ولا موريتانيا ولا إسبانيا ولا البرتغال.. ولا حتى البوليساريو، لكن بمجرد أن حطت الرحال في ضيعة شنقريحة حتى صار المغرب مسؤولا عنها..! والآن ماذا يمكن فعله..؟ الجواب هو الصبر ولا شيء غيره.. وقديما قال شاعر عربي حكيم، قد يكون جزائريا: لكل داء دواء يستطب به..// إلا الحماقة أعيت من يداويها