وتنافسوا..

المساء اليوم – هيئة التحرير:

لم يكن أشد السياسيين الأمريكيين جرأة، يتوقع أن يمتلك الرئيس الأمريكي كل هذا “الحظ” ويجمع أربعة آلاف مليار دولار في ضربة واحدة، خلال زياراته الأخيرة لبلدان الخليج.

في هذه الزيارة، أو الزيارات، حدثت كل الأشياء المثيرة للدهشة، وهي دهشة بحجم الصعقة، بدءا من الاستقبالات المهيبة لرئيس أقوى دولة في العالم، ومرورا بالصفات التجارية المذهلة، وانتهاء بصورة ترامب وهو يضع كوب القهوة السعودي جانبا دون شربه..!

الجميع يعرف كيف يفكر ترامب، بل كيف يفكر كل المسؤولين الأمريكيين بخصوص إمارات الخليج الغارقة في ثروات بلا نهاية، ثروات من الصعب إنفاقها، لذلك نفذ ترامب وعده، بل وعيده، وعاد مجددا لأخذ نصيبه الوافر من هذه الثروات “الضائعة”.

وفي كل مكان كان ترامب يدخل إليه في بلدان الخليج يجد البذخ الفاحش والثراء اللامحدود، لذلك كان مرتاح الضمير وهو يطلب المزيد، ولسان حاله يقول: ماذا ستفعلون بكل هذه الثروة..!؟

في قصور الخليج اعتقد ترامب نفسه في قصور ألف ليلة وليلة، بل أكثر بكثير، وأكيد أنه قارن بين القصور الأميرية في الخليج وبين البيت الأبيض، الذي لا يتبدل أثاثه إلا نادرا جدا، وحتى الزرابي القليلة بين جنباته فقدت ألوانها، والكراسي والمكاتب قديمة جدا، لكن داخل هذا البيت يتقرر مصير العالم.

عاد ترامب إلى بلاده بعد أن تلقى هدية ثمينة جدا من قطر، وهي عبارة عن طائرة رئاسية باذخة أكثر من اللازم تسمى القصر الطائر، ومعها صفقات بلا حد، مما دفعه ليمتدح أمير البلاد طويلا.

وفي السعودية نال ترامب صفقات بقيمة ألف مليار دولار، مع أنه رفض شرب القهوة، ثم امتدح ولي العهد جدا جدا.

وفي الإمارات أخذ ترامب من الصفقات ما لم يكن يتصوره شخصيا، ثم شكر كثيرا مسؤولي الإمارة، وكذلك فعل في كل بقعة زارها من هذه المنطقة الغارقة في الثروة.

في كل هذا ظلت الشعوب العربية تتأمل ما يجري بذهول، بينما العالم العربي غارق في الفقر والجهل والأمية، وبينما لا يجد أطفال غزة حليبا وخبزا للبقاء على قيد الحياة.

إنها الحياة.. حياة على الطريقة العربية.. حياة التناقضات الصارخة والمؤلمة. حياة تطبق مبدأ “وتنافسوا..” بعكس معناها الحقيقي والعميق. فلم يكن التنافس يوما معناه التسابق لملء صناديق واشنطن بكل هذه الكميات الهائلة من المال والثروة.

 

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )