هل فعلا سنفوز بكأس إفريقيا بعقلية لافوكا؟

المساء اليوم – حمزة الوكولي

 

منذ نصف قرن والجمهور المغربي ينتظر لحظة رفع كأس إفريقيا للأمم، حلمٌ يتجدد كل دورة ويذوب كل مرة أمام أعين المغاربة. بعد إنجاز المونديال التاريخي في قطر 2022، ظن الجميع أن المنتخب وجد طريقه نحو المجد القاري، لكن ما نراه اليوم تحت قيادة وليد الركراكي يوحي بعكس ذلك. مباراة المغرب ضد البحرين الأخيرة جاءت لتؤكد أن منتخب الأسود أصبح “محفوظًا في الذاكرة التكتيكية” لكل الخصوم، وأن أسلوب اللعب 4-1-4-1 الذي أصبح علامة الركراكي المسجلة، صار سلاحًا مكشوفًا حتى أمام المنتخبات الأقل خبرة.

 

– تحليل المباراة: المغرب ضد البحرين

 

أظهر المنتخب المغربي تفوقًا في السيطرة الميدانية، لكنه افتقد للإبداع الهجومي. الكثافة العددية في وسط الميدان، المعتمدة على محور وحيد دفاعي وأربعة وسط متمركزين، جعلت من اللعب النمطي سهل القراءة. المنتخب البحريني عرف كيف يغلق المساحات ويجبر الأسود على التمرير العرضي البطيء دون اختراق حقيقي.

 

في المقابل، تراجع الإيقاع بشكل واضح كلما فقد المنتخب الكرة، ما جعل الارتداد الدفاعي بطيئًا وهشًا أمام المرتدات. المشهد تكرر في أكثر من مباراة، وكأن السيناريو يُعاد دون مراجعة.

 

– عقلية “لافوكا” بدل روح الانتصار

 

الركراكي أصبح يشبه المدربين الذين يخشون الخسارة أكثر مما يطمحون للفوز. “عقلية لافوكا” — أي الحسابات الباردة والرهان على التعادل أو الفوز الصغير — لا تصنع أبطال إفريقيا. اللعب بطريقة تحفظية ضد منتخبات متوسطة مثل البحرين يبعث رسالة سلبية: المنتخب أصبح أسيرًا للترتيب في تصنيف الفيفا بدل البحث عن هوية هجومية تُخيف الخصوم.

تركيز الركراكي المفرط على الحفاظ على “النقاط” من أجل البقاء في خانة المنتخبات العشرة الأوائل أفقد الأسود جينات المغامرة التي رأيناها في قطر.

 

– أسلوب 4-1-4-1: روتين بلا مفاجآت

 

هذه الخطة التي كانت مفاجِئة في بداياتها أصبحت اليوم مملة ومكشوفة. الخصوم يعرفون أن حكيمي أو الزلزولي سيُحاصران على الأطراف، وأن النصيري معزول في الصندوق، وأن أمرابط سيقوم بالربط الدفاعي البطيء. لا ضغط عالٍ، لا تمركز هجومي متجدد، ولا تنويع في صناعة الفرص.

في كأس إفريقيا، المنتخبات لا تخاف الأسماء الكبيرة، بل تبحث عن الثغرات التكتيكية — والمغرب أصبح كتابًا مفتوحًا.

 

– الجمهور المغربي: خمسون سنة من الانتظار

 

خمسون سنة من الانتظار تضع ضغطًا نفسيًا رهيبًا على كل جيل. الجمهور المغربي لم يعد يرضى بالمشاركة المشرفة ولا بالتصنيفات العالمية. يريد التتويج، يريد كرة تهاجم، لا تنتظر، يريد منتخبًا يفرض شخصيته كما فعل في المونديال.

لكن مع استمرار الأداء التكتيكي المتحفظ، يخشى كثيرون أن يتحول حلم الكأس إلى كابوس جديد، يُضاف إلى سجل “لو كنا أكثر جرأة”.

 

– بين الواقع والطموح

 

الركراكي يملك مجموعة من أفضل اللاعبين في تاريخ الكرة المغربية، لكنه يواجه خطر تحويلهم إلى جنود بلا روح. الإفراط في الواقعية التكتيكية، والخوف من المخاطرة، والتركيز على تصنيف الفيفا بدل البطولة ذاتها، كلها عوامل تجعل السؤال مشروعًا:

هل فعلاً سنفوز بكأس إفريقيا بعقلية لافوكا؟ أم سنبقى ننتظر خمسين سنة أخرى؟

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )