المساء اليوم - ع. الدامون: من أكبر عيوب مهربي المخدرات في المغرب أنهم لا يتعظون. لم يفهموا بعد أنهم مجرد بيادق في لعبة أكبر منهم بكثير، وأن سقوطهم بين الفينة والأخرى لا يعني سقوط هذه التجارة الرهيبة التي تدر على أصحابها قرابة 30 مليار أورو كل عام، حسب تقارير منظمات دولية محايدة. لذلك، عندما غرق الزورق السريع الذي كان يقوده سفيان "كوبالا" في مياه سبتة في التاسع من شهر غشت الحالي، فإن ذلك كان يعني أن الكثير من المهربين، خصوصا في الشمال، سيغرقون، لكن الموظفين الفاسدين والمتواطئين معهم سيبقون، لأنه منذ الحملة الشهيرة على المخدرات في أواسط تسعينيات القرن الماضي، التي قادها وقتذاك وزير الداخلية القوي، ادريس البصري، لم نشهد سقوط موظفين فاسدين ومتواطئين، وكثيرون منهم هربوا نحو أوربا في جنح الليل، وخصوصا نحو الجنوب الإسباني في "الكوستا ديل صول"، وبقوا هناك يبذرون ما جمعوه يمينا وشمالا، بينما دخل المهربون السجون وتمت التضحية بهم كأكباش العيد.. لنتذكر فقط الديب والدرقاوي واليخلوفي وغيرهم كثيرون. بعدها، وحتى في الحملة الشهيرة التي عرفتها تطوان في بداية الألفية الأولى، مع سقوط منير الرماش ومن معه، لم يسقط المتواطئون، بل سقط المهربون فقط، ومع ذلك فإن مهربي المخدرات لا يزالون يعتقدون أنهم سادة الزمان والمكان، يفتخرون بأموالهم وقصورهم ويخوتهم وسياراتهم وأرصدتهم، بينما يمكن أن يجدوا أنفسهم، فجأة، في زنازن ضيقة يقضون فيها سنوات طويلة، بينما شركاءهم الفاسدين يبقون خارج السجون وفي مناصبهم يستمتعون بما يجمعون، بل ينتظرون ظهور وجوه جديدة في عالم التهريب للتواطؤ معها! عودة إلى تلك الليلة، ليلة غرق زورق "كوبالا"، لا أحد تساءل من أين حصل الزورق على قرابة طن من المخدرات خرج بها من "ثقب" ما في مارينا، خصوصا وأن تطوان محاطة من كل الجهات بباراجات أمنية. هل كان الحشيش مزروعا في شواطئ تطوان؟؟! اليوم، يتوقع الناس ألا يسقط المهربون فقط، فهؤلاء لا يشتغلون لوحدهم، ولولا التواطؤ لما حدث ما حدث، لذلك ينتظر المغاربة الكثير من هذه "الحملة" الأمنية في تطوان والنواحي، والتي شملت اعتقال عدد من الرؤوس البارزة في مجال التهريب، منهم من كان متورطا بشكل مباشر، ومنهم من تم ذكرهم في التحقيقات، لكن هل تم ذكر أشخاص فاسدين في الاعترافات..؟ هذا السؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.. مسألة أخرى ينبغي الإشارة إليها، وهي أن صيف تطوان الحالي كان مثل مهرجان الجعة الألماني "Oktoberfest", الذي كان سيتم تنظيمه في بوسكورة بالدار البيضاء والذي يجمع هواة الجعة الألمانية، قبل أن يتم التراجع عنه بعد الاحتجاجات الشعبية، لكن لا أحد احتج على مهرجان "HachichFest" في شواطئ تطوان هذا الصيف، حيث اجتمع عشاق أموال المخدرات من كل مكان، ومن مدن مغربية كثيرة، وكلهم من عشاق أموال الحشيش، لا تهمهم مناصبهم بقدر ما تهمهم أطماعهم وجشعهم، ففي غياب المحاسبة يمكن أن تحدث كل الموبقات، ويمكن للقانون أن يأخذ بدوره "كونجي" ويتجول في اليخوت الفارهة. (يتبع)..