عبد اللطيف الجواهري.. ليس شيطانا أخرس..!

المساء اليوم – هيئة التحرير:

ليست المرة التي تروج فيها أخبار عن إقالة والي بنك المفرب، عبد اللطيف الجواهري، فقد سبق أن راجت شائعات كثيرة من قبل، وفي النهاية ثبت أن “ثعلب التحليل المالي” باق في منصبه، لسبب بسيط، وهو أنه لا يوجد خلف له، ليس في الخبرة، بل في الصراحة والجرأة في تقييم الأوضاع المالية والاقتصادية للبلاد.

الجواهري، ذلك الرجل قصير القامة طويل الباع، اشتعل رأسه شيبا، وهو يقود “بنك المغرب”، قرابة ربع قرن، ولا يزال يتمتع بالكثير من حيوية الشباب وهو يرصد نبضات الوضع المالي والاقتصادي للمملكة.

ولا يجد الجواهري غضاضة في إيلام المسؤولين بصراحته وجرأته في تقييم الأوضاع، حتى لو أثار الغضب، فمهمته، أولا وأخيرا، تقتضي كشف المرض وتشخيصه، وعلى الآخرين إعداد وصفات العلاج.

التحق الجواهري، المزداد سنة 1939، بإدارة بنك المغرب وقت مبكر من شبابه، في ريعان شبابه، وعلى مشارف العقد الرابع من عمره عينه العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني، عام 1978، وزيراً مُنتدباً لدى الوزير المكلف بإصلاح المؤسسات العمومية. لينال مُجددا في عام 1986 الثقة، ويُعين وزيراً للمالية للفترة ما بين 1981 و1986.

بعدها غادر من السفينة الحكومية، عائداً إلى عالم النقديات، من باب البنك المغربي للتجارة الخارجية، الذي شغل منصب مديره العام في الفترة ما بين 1986 وحتى 1995. وهي الفترة ذاتها التي ترأس فيها المجموعة المهنية لبنوك المغرب.

المسار المهني الحافل لعبد اللطيف الجواهري، تكلل بتعيينه، مديراً عاماً للصندوق المهني المغربي للتقاعد في عامي 2002 و2003.
وفي عام 2003، ستبدأ حقبة جديدة في حياة عبداللطيف الجواهري، بعد تعيينه واليا لبنك المغرب، ويكون بذلك “المايسترو الصارم” للسياسات النقدية في البلاد.

خبر الأزمات المالية العالمية بشكل دقيق، ما شكل لديه مناعة تدبيرية قوية، تُمكنه من تجاوز الهلع والقرارات الارتجالية، الشيء الذي ظهر جلياً في تدبير البنك المركزي للأزمة التي خلفتها جائحة كورونا، أو موجة التضخم العالمي الأخيرة، التي واجهها بنك المغرب.

عبد اللطيف الجواهري عُرف بصراحته المباشرة، بعيداً عن تنميق الكلام المعهود على السياسيين وبعض المسؤولين، يُشرح الأوضاع كما هي، ويضع بخبرته الطويلة الأصبع على مكمن الداء.

في تقاريره السنوية التي يعرضها أمام الملك محمد السادس يكشف كُل شيء، بدون أي مساحيق. ويتحدث عن الوضع كما هو، ما زاد من مصداقيته ورفع اسمه، وجعل حديثه من منطلق الواقع، وبمرآة الخبرة النقدية، وهو ما لا يقبله الكثيرون من مروجي نظرية “العام زين”.

أكيد أن عبد اللطيف الجواهري ليس ملاكا، فلا وجود لملائكة في عالم المال والأعمال، لكنه بالتأكيد ليس شيطانا أخرس.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )