المساء اليوم - تطوان: ذكرت مصادر مطلعة أن عامل عمالة المضيق الفنيدق، ياسين جاري، قد يكون أبلغ رئيس جماعة مرتيل، مراد أمنيول، بأنه لن يكون هناك تفعيل لقرار عزله، بعد أن رفضت محكمة النقض الطعن الذي تقدم به أمنيول، وبذلك صار قرار العزل ساريا على المستوى القانوني. ووفق مصادر "المساء اليوم" فإن هذا القرار، لو ثبت فعلا، فإنه سيكون سابقة مثيرة حيث ترفض السلطات الوصية تنفيذ حكم قضائي بعزل رئيس جماعة أدين بتهم تقتضي عزله. وكانت محكمة النقض بالرباط، أصدرت بتاريخ 22 يوليوز 2025، قرارها في ملف جنائي، يتابع فيه رئيس جماعة مرتيل، إلى جانب موثق معروف ومستشار جماعي عن جماعة تطوان، على خلفية اتهامات تتعلق بالتزوير في محررات رسمية، والنصب، واستعمال وثائق إدارية بدون سند قانوني. ورفضت الهيئة القضائية العليا طلب النقض المقدم من طرف رئيس جماعة مرتيل، إلى جانب رفض طلب النيابة العامة، وعدم قبول الطعن الذي تقدم به الطرف المدني، في حين قبلت المحكمة جزئيا طعني الموثق والمستشار الجماعي، وأمرت بإعادة الملف إلى محكمة الاستئناف بتطوان، للنظر في العقوبات المحكوم بها عليهما، دون المساس بأساس الإدانة. وتكتسي هذه الأحكام طابعا نهائيا وباتا، ما يعني وجوب تنفيذ آثارها القانونية دون تأخير، وفق مبدأ حجية الشيء المقضي به. ويطرح هذا الأمر، بشكل مباشر، مسألة التفعيل الإداري والقانوني للحكم القضائي، خاصة فيما يتعلق برئيس الجماعة، الذي ما يزال يمارس مهامه، رغم صدور حكم نهائي ضده في ملف يمس بالنظام العام الإداري. وتوجد الكرة الآن في مرمى السلطة الترابية، باعتبارها الجهة المكلفة بتنفيذ المقتضيات القانونية المتعلقة بالعزل، وعلى رأسها المادة 142 من القانون التنظيمي رقم 113.14، المتعلق بالجماعات، التي تنص على أن صدور حكم قضائي نهائي في حق عضو من المجلس الجماعي، بسبب ارتكابه جناية أو جنحة، يعد بمثابة استقالة بقوة القانون، مما يترتب عليه فقدان العضوية. ووفق متابعين للملف، فإن العزل لا يشكل قرارا تقديريا أو سياسيا، بل يندرج ضمن ما يسمى قانونا بـ"معاينة الاستقالة"، وهو إجراء إداري يفرضه القانون على عامل الإقليم بمجرد تحقق شرط الإدانة القضائية النهائية. ويعتبر العامل، بصفته ممثلا للسلطة المركزية، لا يُمارس في هذا الباب سلطة التقدير، وإنما يحرر قرارا معللا يثبت واقعة الاستقالة القانونية، دون الحاجة إلى تقديم طلب أو تصريح من المعني بالأمر. وبذلك، فإن الإبقاء على العضو المدان في موقعه، رغم توافر موجب العزل، يُعد إخلالا خطيرا بمبدأ المشروعية وربما شبهة تواطؤ على تعطيل القانون. وتضيف المصادر أن الإبقاء على أمنيول في منصبه كرئيس لجماعة مرتيل، رغم فقدانه للصفة القانونية، لا يشكل فقط خرقا لمبدأ سمو القانون، بل يمثل أيضا انتهاكا صارخا لمنظومة النزاهة الانتخابية، التي يؤطرها القانون التنظيمي 59.11، والتي لا تقتصر على شروط الترشح، بل تمتد إلى مراقبة دوام الأهلية طوال فترة الانتداب. وتنص المادة 142 بوضوح على أن تنفيذ هذا الأثر القانوني، يتم بقرار معلل يصدر عن عامل العمالة أو الإقليم، باعتباره ممثلا للسلطة المركزية، وصاحب الاختصاص القانوني في السهر على تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية باسم الملك. ويتقاطع ذلك مع فصل 145 من الدستور المغربي، الذي يمنح العامل هذه الصلاحيات كسلطة تنفيذية تمثل الملك في الدائرة الترابية، مكلفا بالسهر على تطبيق القانون وحماية النظام العام. واعتبرت المصادر أن استمرار المعني بالأمر في أداء مهامه داخل المجلس الجماعي، رغم صدور حكم نهائي في حقه، يشكل تنافيا واضحا مع النصوص القانونية، ويطرح إشكالية احترام قرارات القضاء وتنفيذها على المستوى الإداري، خاصة وأن وقائع المتابعة ترتبط بأفعال جناية تزوير، واستعمال وثائق رسمية بغير حق، مما يمس الثقة العامة ومصداقية الإدارة المحلية. كما أنه، من منظور قانوني بحت، تقول المصادر، فإن عدم تفعيل العزل في هذه الحالة، يخلق فراغا تنظيميا، وقد يشكل خرقا لمبدأ سمو القانون والمساواة أمامه، كما يفتح الباب للطعن في شرعية القرارات التي قد يتخذها المعني بالأمر وهو فاقد للصفة القانونية الانتخابية، وهو ما يدعو المتتبعين إلى التأكيد على ضرورة تدخل السلطة الترابية في أقرب الآجال، لتنفيذ ما قضى به الحكم، حفاظا على دولة الحق والقانون. وينتظر الرأي العام في تطوان، وفي المغرب عموما، ما ستؤول إليه جولة المحاكمة الجديدة أمام محكمة الاستئناف، بالنسبة للموثق والمستشار، بينما الجميع ينتظر من العامل إصدار قرار العزل في حق رئيس جماعة مرتيل، وفي حالة العكس، فسيكون ذلك سابقة غير محسوبة العواقب.