حكومة زيت الزيتون..!

المساء اليوم – ع. د:

في حواره الأخير على التلفزيون، قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أشياء كثيرة، منها ما يحتمل الصواب ومنها ما يحتمل الخطأ، وأيضا منها ما يحتمل الاستغراب.. الكثير من الاستغراب.

تحدث أخنوش عن مواضيع لا يهمنا أن نرد عليها لأننا لسنا أحزابا ولا نمارس السياسية لنتصيد هفوات الآخرين ومزالق ألسنتهم، بل يهمنا أن نتصيد فقط هفوة واحدة، بدت لنا مرعبة، في الحوار الذي أجراه رئيس الحكومة.

ومن بين الكثير من الأسئلة التي رد عليها أخنوش، كان هناك حديث عابر عن محصول زيت الزيتون لهذا العام، وهو ما وصفه رئيس الحكومة بإنه سيكون قياسيا.

ولأن الصحفي المخضرم جامع كلحسن، يحسن قنص الأسئلة المفيدة في الوقت المناسب، فقد وجه لرئيس الحكومة سؤالا بديهيا حول أسعار زيت الزيتون، والتي رجّح أنها ستنخفض قريبا لأن محصول زيت الزيتون سيكون قياسيا.
لكن المثير والغريب والعجيب هو أن أخنوش رد بسرعة كبيرة قائلا: لا أتحكم في الأسعار..! ويبدو أن أخنوش يخاف على مصالح اللوبيات المتوحشة أكثر مما يخشى على جيوب شعب مقهور..!

هذا الكلام بالضبط سيظل عالقا في أذهان المغاربة لزمن طويل، لأن رئيس حكومة يتحدث عن محصول قياسي للزيتون هذا العام، لا يستطيع شيئا لخفض أسعار زيت الزيتون، التي تعتبر من بين الأغلى في العالم.. أما لماذا هو رئيس حكومة، فتلك حكمة لا ندرك كنهها.

تصوروا صاحب “مخطط المغرب الأخضر” شخصيا لا حول له ولا قوة أمام شبكات نهب الاخضرار في هذا البلد السعيد، وأنه لا يتحكم حتى في ضبط أسعار مادة حيوية يستهلكها كل المغاربة تقريبا، بشكل يومي، وتكتوي جيوبهم بأسعارها المرتفعة أكثر من اللازم.

لن نتحدث عن باقي السلوكات العدوانية، بل المافيوزية، لشبكات المواد الغذائية في هذه البلاد، بل نركز فقط على مادة زيت الزيتون التي لا يكاد يستغني عنها بيت مغربي، إلى درجة أنها صارت مؤخرا عرضة للكثير من عمليات التدليس والغش التي تهدد صحة المغاربة في الصميم، وأصبحت العصابات تفضل المتاجرة في زيت الزيتون المغشوشة عوض الحشيش. فأرباحها هائلة..!

لو امتلك أخنوش القليل من الحكمة لقال إنه سيعمل، على الأقل، على ضبط أسعار هذه المادة الحيوية، رأفة بجيوب المغاربة، لكنه فعل العكس، ورد بصرامة كبيرة وحزم غير معهود: لا أتحكم في الأسعار..!

هذه العبارة الغليظة التي نطق بها أخنوش تعتبر ضوءا أخضر للوبيات زيت الزيتون بأن تفعل ما تشاء بجيوب المغاربة حتى لو كان المحصول أكثر من قياسي، وضوء أخضر أيضا لهذه اللوبيات المتوحشة بأن ترفع الأسعار متى شاءت، لأنه لا أحد يتحكم بها، بما فيها صاحب مخطط “المغرب الأخضر”..!

ما يحدث مع زيت الزيتون يحدث مع مواد غذائية أساسية كثيرة، لكن زيت الزيتون نموذج لسيبة الأسعار وتغوّل السماسرة وغياب القانون وضعف الحكومة أمام العصابات التي تتحكم في قوت المغاربة.

نتمنى لو تأتي قريبا حكومة تنجز شيئا واحدا وهو أن تعيد أسعار زيت الزيتون إلى رشدها، فنسميها حكومة زيت الزيتون، اعترافا بفضلها على المغاربة، تماما كما سمّينا من قبل حكومة عباس الفاسي “حكومة الميكة الكْحلة”، لأن إنجازها الوحيد كان منع تلك الآفة..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )