المساء اليوم - أ. فلاح: في الوقت الذي اتسعت فيه المساحة المزروعة بالقنب الهندي في عدد من مناطق المغرب بعد تشريع تقنينه، فإن مشاكل متنامية تعترض تسويقه، فيما يظل هذا العائق المحوري سرا من أسرار الهيئة المشرفة على هذا القطاع. وفي إقليم شفشاون، شهد عام 2025 اتساع المساحة المزروعة وارتفاع عدد الفلاحين المزارعين المنخرطين، وكذا إحداث وحدات لتثمين وتحويل هذه النبتة، غير أن أغلبهم يضطرون لتخزين كميات كبيرة منه وسط ندرة المشترين. وتوسعت هذه الزراعة بالمناطق المرخص لها على مساحة إجمالية تصل إلى 1347 هكتارا من القنب الهندي القانوني بإقليم شفشاون، مقابل 616 هكتارا العام الماضي فقط، أي بمعدل أكثر من الضغف، وفق معطيات المديرية الإقليمية للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. ووفق المعطيات ذاتها، فقد تمت زراعة 1347 هكتارا من القنب الهندي القانوني هذه السنة، بينما بلغت المساحة الإجمالية على المستوى الوطني 4.751 هكتارا، حيث انخرط بالإقليم ما يعادل 1435 مزارعا، موزعين على 104 تعاونية، أي بزيادة ملحوظة مقارنة بالعام الماضي حيث تمت زراعة 616 هكتارا فقط، من قبل 606 فلاحين، موزعين على 54 تعاونية. غير أن المديرية الإقليمية للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لا تقدم معطيات دقيقة حول حجم التسويق أو البلدان التي أضحت من زبائن المغرب في هذا القطاع، وتكتفي بالإشادة الفضفاضة بكون هذه الزراعة ساهمت في إعطاء دفعة تنموية لهذه المناطق القروية الجبلية ما مكنها من الاندماج بشكل أفضل في النسيج الاقتصادي القانوني والمهيكل. وحسب المديرية الإقليمية للوكالة، فإن 1222 هكتارا من أصل 1347 هكتارا المزروعة خلال العام الجاري بشفشاون خصصت لزراعة الصنف المحلي من القنب الهندي المعروف باسم “البلدية”، من قبل 1220 فلاحا بالإقليم، موزعين على 68 تعاونية، في حين تم تخصيص 125 هكتارا الأخرى المتبقية ل”الصنف المستورد” والذي زرع من قبل 215 فلاحا موزعين على 36 تعاونية. ومقابل هذه الإحصائيات، لا تقدم الوكالة نسبة المحصول الذي تم تسويقه والمعايير الطبيعية والتقنية التي خضعت لها الكميات التي تم تسويقها، في وقت يقول الكثير من مزارعي القنب الهندي إن الأسواق الخارجية تضع شروطا شبه تعجيزية على تسويق الكيف المغربي، خصوصا في ظل وجود زراعات هجينة لم يتعود المزارعون المحليون التعامل معها. ويتم تحويل القنب الهندي من قبل تعاونيات ووحدات تثمين حاصلة على تراخيص قانونية، لصناعة مجموعة من المنتجات، خاصة الطبية منها والمجالية، وهو شيء يمكن تحقيقه محليا في ظل شروط ميسرة، غير أن العكس يحدث عندما يتعلق الأمر بأسواق خارجية. ويتم تحويل القنب الهندي القانوني إلى مجموعة من المنتجات، لاسيما المتعلقة بالتجميل والمكملات الغذائية، والتي يتم تسويقها على المستوى الوطني. ومقابل ذلك، توجد كميات هائلة من القنب الهندي، القانوني، في مخازن تنتظر مشترين، وهو ما جعل مقاولي هذا القكاع يعبرون عن تشاؤمهم في مجال التعامل مع أسواق خارجية، التي تستقبل كميات محدودة جدا من القتل الهندي المعالج. ويحاول المستثمرون في هذا القطاع باستمرار البحث عن زبناء في بلدان أوربية، وبالضبط في بلدان تبدي اهتمامها بهذا المنتوج، غير أن الضوابط التي تضعها تجعل الكميات المباعة قليلة جدا. ومؤخرا اشتكى عدد من المقاولين في هذا القطاع مما اعتبروه محاباة تقوم بها الوكالة المشرفة على تقنين القنب الهندي، حيث تم اختيار أشخاص معينين بمرافقة رئيس الوكالة في سفر إلى عدد من البلدان الأوربية بحثا عن زبناء جدد. كما تظاهر العشرات من المقاولين والمزارعين في إقليم تاونات، أحد أبرز المناطق التي تحتضن زراعة القنب الهندي، وذلك احتجاجا على محدودية الأسواق الخارجية. ويبدو أن الأسلوب الرومانسي الذي تم رسمه في البداية للقنب الهندي القانوني، لا يجد له أرضية صلبة في الواقع، وسيكون أمام المقاولين التحلي بمزيد من الصبر، وبذل مجهودات كبيرة حتى يصبح تسويق منتوجهم أمرا واقعا.