المساء اليوم - أ. فلاح: لا يتوقع كثيرون أن "تطير" قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من يد "الزعيم" ادريس لشكر خلال الانتخابات الحزبية المقبلة، لكن يجب، في كل الأحوال، أن تكون هناك منافسة شريفة، ولو نسبيا. هذا الأمل في منافسة شريفة (نسبيا) هو ما عبر عنه مؤخرا المناضل الاتحادي، صلاح الدين المنوزي، عندما أعلن عزمه الترشح لقيادة الاتحاد، رغم ضآلة الحظوظ. ويبدو أن قرار المنوزي ليس حدثا في حد ذاته، فخلال الأيام أو الأسابيع المقبلة سيظهر مرشحون جدد، لكن أهم ما في قرار المنوزي هو برنامجه "الانتخابي" وفلسفته في الترشح ضد لشكر. صلاح الدين المنوزي هو مدير مركز للتكوين المهني، وحاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون بباريس، وهذا يمنحه، على الأقل، ورقة لإحراج "المسار الأكاديمي" لخصمه ادريس لشكر. كما أن صلاح الدين المنوزي هو شقيق الحسين المنوزي، المناضل الذي اختفى أثره زمن الرصاص، ولا تزال عائلته تطلب معرفة مكان دفنه.. فقط لا غير. إعلان المنوزي جاء عبر صفحته على موقع فيسبوك، بحيث قال إن قراره يأتي وفاءً لذاكرة الشهداء الذين سقطوا من أجل مغرب الحرية والكرامة، وتقديرًا لمسار طويل من النضال والتضحيات التي بصمت تاريخ الحزب، مشيرًا إلى أن ترشحه ليس بدافع شخصي، بل من قناعة راسخة بأن المرحلة تفرض تجديدًا جادًا ودماءً جديدة ونهجًا ديمقراطيًا يعيد للحزب مكانته الطبيعية كقوة سياسية فاعلة. وأضاف المنوزي أن مشروعه يقوم على التجديد الديمقراطي والتنظيمي داخل الحزب، وترسيخ الديمقراطية الداخلية، والقطع مع ثقافة الزعامة الفردية والانغلاق السياسي، داعيًا إلى استعادة روح العمل الجماعي والتشاور والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ونبذ كل مظاهر الريع والسلوكيات الانتهازية. كما شدّد على أهمية بناء تصور حزبي حداثي ومنفتح على الكفاءات داخل المغرب وخارجه، مع الحفاظ على المرجعيات التقدمية للحزب واستقلالية قراره السياسي. كل هذا الكلام بحمل تصورا جميلا لحزب كان إلى وقت قريب رقما عصيا على الكسر داخل المنظومة السياسية والحزبية في المغرب، قبل أن يتحول إلى رقم زائد في مشهد حزبي ضبابي يلعب فيه الأعيان والتعليمات الدور المحوري. عموما، يستحق المنوزي تصفيقا خاصا لمجرد اتخاذه لمبادرة منافسة ادريس لشكر، الذي يعرف سلفا أن منافسيه في الانتخابات الحزبية المقبلة لن يتجاوزوا دور الكومبارس.