المهرجان الأكبر للغش في المجتمع “الأكثر تديّنا”..!

المساء اليوم – ع. الدامون

 

ننشغل بقضايا كثيرة، لكننا ننسى أننا، كمجتمع، أو كأمة، كما يحلو للبعض تسميتنا، نغرق في مستنقع خطير.. اسمه مستنقع الغش.

 

لا نتحدث هنا عن النصب والاحتيال وافتراس القوي للضعيف، وهي قضايا يصل ربع ربعها إلى المحاكم، وهي بالملايين، بل فقط عن ظاهرة فريدة ومتفردة، وهي قضية الغش الخطير في قوت المغاربة وإطعام ملايين الناس السموم يوميا.

 

لم نعد نعرف ما نأكل ولا ما نشرب، لحوم دجاج تصيب بالرعب، ولحوم حمراء تخيفنا أكثر مما تشبعنا، ودقيق مشبوه وحليب بالماء الزغاريد، وأشياء كثيرة جدا، حتى سلمنا أمرنا لله في “هذه القرية الظالم أهلها”.

 

وفي مثل هذه الأيام من كل عام نعيش ما يمكن أن نسميه المهرجان الكبير للغش في زيت الزيتون، حيث تتوالى الأخبار يوميا عن حالات مفجعة من الغش في هذه المادة الحيوية التي صارت مادة حيوية وأساسية ويومية من غذاء المغاربة.

 

يحدث هذا في بلد له مخطط فلاحي كبير يسمى “المخطط الأخضر”، وفي بلد به أعداد قياسية من أشجار الزيتون على مساحة تزيد عن مليون وربع المليون هكتار، ومع ذلك أصبح الناس يخشون تناول هذه المادة لأنها صارت المادة المفضلة للغش والاحتيال.

 

لا نفهم سر هذا “الإبداع” الخطير للغشاشين الذين يستغلون كل مواهبهم من أجل الإيقاع بالآخرين، ولو أنهم ساروا على الطريق السليم لما خسروا شيئا، بل لربحوا أزيد مما يجنونه من الغش، لكن آفة الغش لم تعد مجرد وسيلة للاغتناء، بل فيروسا يشبه الإدمان، أسوأ من إدمان الكوكايين والهيروين.

 

في كل هذا تصنفنا الدراسات والتقارير الدولية كوننا من أكثر الشعوب تدينا، ربما لأن هذه الدراسات تكتفي باستخدام آلة “الدرون” لتصوير حشود المصلين في صلوات التراويح وإحصاء عدد الجلاليب والعمائم التي نلبسها كل جمعة، وأيضا كل الكلام الديني الذي نلوكه في كل مناسبة وكل مكان، حتى على “كونطوار” الحانات..!

 

ومع كل هذا التدين العجيب نفعل ببعضنا ما لا تفعله أية أمة بنفسها، لا اليهود ولا النصارى ولا أية ملة أخرى، نحن فقط نزاوج بين هذا التدين الاستعراضي الفاقع وبين هذا التسونامي الرهيب في مظاهر الغش والنصب والاحتيال.

 

إننا أمة عظيمة فعلا.. أمة يخاف أفرادها أن يأكلوا من أيدي بعضهم البعض..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )