المساء اليوم - هيأة التحرير: يُردد المغاربة كثيرا عبارة "من الخيمة خْرج مايْل"، في توصيف للأشياء الخاطئة منذ البداية، والتي تعطي، بالتأكيد، نتائج خاطئة. ومنذ بداية عمل حكومة عزيز أخنوش، ردد الكثيرون هذه العبارة، فيما يشبه النصيحة لحكومة كانت، مثل سابقاتها، تشكل أملا للناس، فصارت نقمة، أو هذا ما يبدو حتى الآن. ربما كل الحكومات تقوم بنهج طريق لا يُرضي كل الناس، وقد تكون نظرية "آخر الدواء الكي" صحيحة في بعض الأحيان بالنسبة لقرارات صعبة، لكن من الضروري اتخاذها، خصوصا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. لكن القرارات الصعبة ينبغي أن تصب، في النهاية، لمصلحة الناس، فالحكومة، وفق نظرية العلوم السياسية، هي مجرد خادم للشعب، وليس العكس. لكن المشكلة أن حكومة عزيز أخنوش، حتى وإن توفرت لها الإمكانات التي لم تكن لسابقاتها، لكن طريق تطبيق برامجها كانت خاطئة منذ البداية. فقد استأسدت الحكومة في اتخاذ قرارات كان يجب، على الأقل، أن تتخذ طابع التدريج في التطبيق. جاء قرار جواز التلقيح كالصدمة، وخرج الناس في مظاهرات يهتفون بإسقاطه، ولسان حالهم يقول "بل سقوط الحكومة أجدى"، ليس لأن الناس ضد التلقيح، بل ضد طريقة فرض قرارات تقطع أرزاق الناس، والمثل يقول "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق". ولم يكد الناس يسترجعون أنفاسهم حتى جاء قرار صادم آخر، بتحديد السن القانونية لاجتياز مباريات التعليم تحت الثلاثين سنة، وكما كان قرار جواز التلقيح صادما وفوريا، فكذلك كان قرار المباريات، أي من دون إعداد نفسي وإداري. أكيد أن هذه السياسة جعلت حكومة أخنوش تربح الكثير من الوقت لكي تستعدي الناس بسرعة قياسية، عكس حكومة بنكيران والعثماني، التي مر وقت طويل قبل أن يفطن الناس لـ"قوالبها". مشكلة حكومة أخنوش هي أنها ليست فقط خرجت من الخيمة مائلة، بل هي مرشحة لكي تستمر في المزيد من الميلان، وخصوصا مع الجدل مؤخرا في البرلمان، بين وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وبين البرلماني محمد أوزين، وهو جدل عادت فيه مصطلحات "التقاشر" و"الكرّاطة" لكي تقتحم على المغاربة بيوتهم، بعد أن اعتقدوا أنها صارت نسْيا منسيّا. من الصعب على حكومة أخنوش أن تفقد احترام الناس في هذه السرعة القياسية، لكن هذه هي الحقيقة الصادمة، وإذا كان أخنوش هو الربان الفعلي للحكومة، فعليه أن يثبت ذلك، قبل أن يجد نفسه جنبا إلى جنب مع بنكيران والعثماني في لائحة السياسيين الأكثر نفاقا.. وضعفا.