المساء اليوم - متابعة: تجد القوى الدولية الكبرى و على رأسها الولايات المتحدة وأوروبا حرجا في التعاطي مع الصراع بين المغرب والجزائر، وبالتالي فإنها تتجاهل التوتر الحاصل بين البلدين وتكتفي بدور المراقبة والترقب، كيف نفسر هذا الحذر؟ ولماذا ترفض باريس وواشنطن، الشريكان المهمان والمؤثران للدولتين، التدخل؟، سؤال طرحته مجلة (جون أفريك) الفرنسية بشأن الحذر والترقب الذي قالت إنهما يطبعان طريقة تعاطي القوى الغربية مع الأزمة المغربية الجزائرية المُتصاعدة. بالنسبة لـ(جون أفريك)، فإن "جملة من الأحداث مثّلت مصدر توتر شديد في العلاقات بين البلدين بدءا بقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما أواخر غشت الماضي، مرورا بحادثة مقتل ثلاثة من سائقي الشاحنات الجزائريين في غارة جوية نسبتها الجزائر للمغرب، وتصعيد الخطاب من جانب السلطات الجزائرية من قبيل استعمال عبارات "اغتيال جبان" و"أسلحة متطورة" و"عمل خطير للغاية من أعمال إرهاب الدولة"و"اغتيال لن يمر دون عقاب". كما أن صمت الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية وأيضا أمين عام منظمة التعاون الإسلامي الذين لم يعلقوا على الحادثة، عوامل أخرى، كما هي الحال في واشنطن وباريس وبروكسل و عواصم عربية مؤثرة، حسب المجلة، إذ كلما "تصاعدت التوترات يبدو أن القوى الأجنبية القادرة على التأثير على شبح المواجهة المسلحة تعاني من الشلل". ونقلت المجلة عن الباحث المتخصص في المنطقة المغاربية قادر عبد الرحيم قوله "يُمكن للمرء أن يتساءل بشكل مشروع عن سبب وجود بعثة الأمم المتحدة في الصحراء"، التي قالت إنها ستفتح تحقيقا في حادثة مقتل سائقي الشاحنات الجزائريين، مضيفاً أنَّ الجزائريين لم يقدموا أي دليل لدعم اتهاماتهم للمغرب (بالتورط في مقتل سائقي الشاحنات) ولم يقدموا أي دليل بشأن تورط المغرب المزعوم في حرائق الغابات التي اجتاحت منطقة القبائل الصيف الماضي". واعتبر "عدم حرص بعثة الأمم المتحدة على استكمال هذا التحقيق يوضح بشكل صريح موقف الأمم المتحدة في إدارة قضية الصحراء: قبل كل شيء، عدم الإساءة إلى أي من أطراف الصراع الذي يسمم العلاقات بين الجارتين لعقود، فمنذ عودتها إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2017 اتخذت المغرب منعطفا دبلوماسيا من خلال الانخراط في إستراتيجية الأمر الواقع. ورأى التقرير أن مغربية الصحراء غير قابلة للتفاوض، ويتجلى ذلك من خلال عمليات إعادة السيطرة العسكرية على الصحراء، والتي سمحت للرباط بتوسيع حزام الأمان تدريجيا ودفع قواعد البوليساريو إلى الوراء، "كما أن سياستها المتمثلة في فتح تمثيلات قنصلية أجنبية في العيون أو الداخلة والتي أقنعت ما يزيد قليلاً عن عشرين دولة، بما في ذلك العديد من الدول الأفريقية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن، وآخر مظهر من مظاهر هذا الحزم الواضح: خطاب الـ6 من نونبر الماضي للملك محمد السادس الذي استبعد فيه أي اتفاقية تجارية لا تشمل الصحراء". ويتابع التقرير أنه "على الجانب الجزائري لم تكن قضية الصحراء بالفعل من أولويات الأجندة السياسية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في حين اعتمد عبد المجيد تبون، منذ صعوده إلى السلطة، على الخلاف مع المغرب لإعادة نشر الدبلوماسية التي كانت تتباطأ تدريجيا في عهد سلفه، وينتقد تبون بشدة الرباط، التي يتهمها أحيانًا بلهجة حادة، بالرغبة في زعزعة استقرار بلاده، ويعتبر أنّ "الجزائر ليست طرفًا في النزاع الذي يجب حله تحت رعاية الأمم المتحدة ويبقى استفتاء تقرير المصير الخيار الوحيد". لكن الحل الذي دافعت عنه الجزائر يواجه عقبتين رئيستين، وفق (جون أفريك)، وهما الموقف الأميركي والفرنسي، فقد اعترفت واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء وتواصل اعتبار خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب جادة وذات مصداقية وواقعية، والأمر نفسه بالنسبة لباريس التي تعتبر أن الخطة أساس لنقاش جاد، وبالتالي فإن دعم القوتين للخيار المغربي لا يسمح لهما بالعمل على تغيير الموقف الجزائري". كما أن أنّ الحذر مفهوم من جانب فرنسا، التي تواجه صعوبات في تسوية ملف الذاكرة الاستعمارية مع الجزائر، ومن غير المحتمل، في هذا السياق، أن نرى الرئيس الفرنسي يضع قدمه في حقل ألغام القضية الصحراوية، بحسب تعبير المجلة، ففرنسا تعاني من مشكلة شرعية، بالإضافة إلى المسؤوليات الاستعمارية أدى دورها في التدخل في ليبيا عام 2011 وتدخلها الباهت في مالي إلى تقليص نفوذها على القارة ومصداقيتها كحكم.