زيارة تبون للقاهرة.. البحث عن دعم مصري للقمة العربية لكسر عزلة الجزائر

المساء اليوم – متابعة:

من المُرتقب أن يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة رسمية لمصر يناير الجاري، وذلك بعد تأجيلها الشهر الماضي، وهدفها الأساس التحضير للقمة العربية القادمة.

الزيارة تكتسي حسب مراقبين، أهمية قصوى بالنسبة إلى الجزائر، التي تستعد لتنظيم القمة العربية مارس القادم، وتحتاج إلى دعم الرئيس المصري لإنجاحها وإقناع الدول الخليجية بتمثيل رفيع في القمة، خصوصاً في ظل ما أسموه، “التخوف الجزائري من أن يكون الحضور الخليجي من الدرجة الثانية، ما يعطي مشروعية لتقارير تتحدث عن عزلة الجزائر وضعف دبلوماسيتها بعد أن فقدت تأثيرها في دعم موقفها من قضية الصحراء التي حقق فيها المغرب مكاسب كثيرة في أوروبا والولايات والمتحدة وفي إفريقيا، بما في ذلك داخل دائرة حلفاء الجزائر التقليديين”.

وكعادة الجزائر بالنفخ في نظرية المؤامرة، فإن وزير خارجيتها رمطان لعمامرة اتهم في نونبر الماضي، أطرافاً عربية، لم يُسمها، بالسعي لاستهداف القمة العربية ببلاده من خلال إفشالها أو خفض مستويات التمثيل فيها، وبالتالي فإن تبون يريد أن يحصل في زيارته إلى القاهرة على دعم مصري واضح من أجل المساعدة على توسيع دائرة المشاركين في القمة، خاصة من دول الخليج العربي التي سيكون حضور زعمائها وقادتها محددا لنجاح القمة.

كما أن حكومة تبون تسعى لاستثمار نجاح القمة العربية في الداخل من أجل تأكيد أهميتها الإقليمية والعربية، حسب مراقبين، وبعد انتقادات واسعة بسبب تراجع الدور الجزائري في قضايا المنطقة لفائدة قوى خارجية مثل فرنسا وروسيا وتركيا، كما تعول على إنجاحها من أجل لجم الانتقادات الداخلية والخارجية التي تطالها، والأزمة التي يعيشها الداخل الجزائري في ظل تجاهل السلطة الحاكمة.

زيارة الرئيس تبون إلى القاهرة كانت مبرمجة في الـ23 من دجنبر الماضي، حسب مصادر دبلوماسية، ليتم بعدها التفاهم على تأجيلها إلى شهر يناير الجاري. ومن المتوقع أن يبحث تبون خلال الزيارة مع الرئيس المصري العلاقات الثنائية، وعددا من الملفات السياسية الإقليمية، خاصة ما يتعلق بالتحضير لانعقاد القمة العربية المقررة في مارس المقبل في الجزائر.

وحسب المصادر فإن الترتيب للزيارة بدأ منذ شهر أكتوبر الماضي، مؤكدين إلى أن الطرف الجزائري يسعى إلى أن تجرى قبل انعقاد القمة العربية المقبلة، “بسبب أهمية الموقف المصري على صعيد إنجاح القمة والتوافق على مخرجاتها، وفقاً للمقاربة التي تطرحها الجزائر، وتحقيق منجز سياسي بإعادة توحيد المواقف العربية حول بعض القضايا، وخاصة القضية الفلسطينية”.

وتطرح الجزائر ثلاثة محددات رئيسة بالنسبة للقمة المرتقبة، أبرزها القضية الفلسطينية وتوحيد الموقف العربي بشأنها، وضمان أعلى تمثيل للدول العربية، أما الملف الثالث فيخص عودة سورية إلى الجامعة العربية، حيث ترغب بأن تكون قمة الجزائر “قمة عودة سورية إلى مقعدها العربي”.

زيارة تبون المُرتقبة للقاهرة سبقتها زيارة قائد أركان الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة، الذي شارك خلالها في المعرض الدولي للأسلحة، والتقى عدداً من قادة الجيش المصري، بينهم وزير الدفاع محمد أحمد زكي، لبحث ملفات التعاون العسكري، وحينها وذكرت تقارير أنه جرى بحث ملف “التواجد الإسرائيلي في أفريقيا وفي منطقة شمال أفريقيا”، خاصة بعد توقيع اتفاق تعاون أمني وعسكري بين إسرائيل والمغرب.

الزيارة النادرة والمفاجئة لشنقريحة إلى القاهرة آثارت حينها الكثير من التساؤلات، وذلك بشأن توقيتها خاصة أنها أتت بعد أسبوع من تمتين التعاون الدفاعي بين المغرب وإسرائيل، وزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للرباط، التي اعتبرتها حكومة تبون تهديداً لها، وزعم مسؤولوها أن الجزائر هي المقصودة من هذه الزيارة”.

محللون يروون أن ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، يحتاج إلى “نقاش جزائري مصري” بين الرئيسين، خصوصا في أعقاب الخطوة التي أعلنتها الجزائر بشأن احتضانها ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية، وهي خطوة وإن قوبلت بترحاب فلسطيني كبير، إلاَّ أن “أطرافا عربية تنظر إليها بعين الريبة، خاصة مصر التي تنفرد منذ فترة بملف العلاقات بين الفصائل الفلسطينية”.

وفي هذا الإطار يسعى تبون وحكومته إلى طمأنة مصر بأن “تحرك الجزائر على صعيد توحيد الموقف الفلسطيني لا يستهدف منافسة القاهرة في الملف الفلسطيني أو تحييدها منه، بقدر ما يهدف إلى إسناد كل جهد لتوحيد الموقف الفلسطيني ومساعدة الفلسطينيين على تجاوز حالة الانقسام الداخلي”.

كما يتوقع مراقبون أن تكون تونس ضمن القضايا التي قد تطرح للنقاش خلال الزيارة المرتقبة لتبون إلى القاهرة، “حيث تبدو الجزائر منزعجة من دور مصري في تونس قد يعقد الأوضاع، إضافة إلى الأزمة في ليبيا ومسار الانتخابات المعطلة، رغم التباين في المواقف بين مصر والجزائر بشأن الأزمة، والتوجس الجزائري من الدعم المصري للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في المرحلة السابقة، إلا أن إعادة توحيد المؤسسات في ليبيا وإنجاز الانتخابات بهذه الدولة الجارة يبقى خياراً مهماً بالنسبة لكل من الجزائر ومصر.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )