لماذا، إذن، لا نصدق بوتين..؟

المساء اليوم – مدير النشر:

منذ بدء أزمة اللاجئين في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، ظل العالم يتابع مشاهد مفزعة للاجئين أفارقة وعربا يُمنعون من صعود القطارات ودخول أراضي البلدان المجاورة، بل تعرض الكثير منهم للضرب والإهانة من طرف الشرطة الأوكرانية، وكثيرون بقوا لأيام ينتظرون فرصة للخروج من أوكرانيا، وهم يعانون أوضاعا قاسية من الجوع والعطش والبرد والمهانة.

كل الذين تابعوا هذه المشاهد المقرفة لعنصرية عميقة في وجدان وسلوكات الشرطة الأوكرانية والبولونية وغيرها، عادوا سريعا إلى تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي تحدث أكثر من مرة عمن سماهم “النازيين الجدد” الحاكمين في أوكرانيا، وطالب أوربا بإزاحتهم من الحكم، عوض دعمهم.

كثيرون اعتبروا، وقتها، تصريحان بوتين بأنها مزايدة سياسية بلا معنى، وأن النازيين الجدد لا يمكنهم أن يتحكموا في رقاب دولة بكاملها، وأن هدف بوتين هو إحراج أوربا لدعمها حكومة يمينية متطرفة تعتنق مذهبا عنصريا مقيتا.

لكن ما شاهده العالم كله بعد ذلك لمعاناة العرب والأفارقة على الحدود وأمام أبواب القطارات أثبت، بالفعل، أن بوتين كان يدري ما يقول، وأن سلوكات الشرطة الأوكرانية والبولونية ليست مجرد تصرفات فردية معزولة، بل هي تؤسس لعنصرية مؤسساتية حقيقية، عنصرية لا يمكن أن يقوم بها بهذه الطريقة العلنية سوى تيار عنصري متطرف بمعنى الكلمة.

والمثير أن الكثير من الطلبة العرب والأفارقة، وبينهم مغاربة كثيرون، اشتكوا من أنهم كانوا يعانون من عنصرية قوية في أوكرانيا في الأيام العادية، وارتفعت جرعة هذه العنصرية بشكل ملفت خلال الغزو.

في أوكرانيا لا توجد أيدي عاملة إفريقية وعربية تخطف مناصب الشغل من الأوكرانيين، بل أغلبهم طلبة ومقاولون صغار يساهمون في ملء خزينة الدولة الأوكرانية بالعملة الصعبة، ومع ذلك يعانون من عنصرية غير مفهومة.

والأكثر من كل هذا هو أنه في ظل هذا السلوك العنصري للشرطة الأوكرانية، خرج رهط من المحللين والمراسلين الأوربيين وهم يندبون حظهم ويولولون لأن الحرب لها ضحايا مختلفون، ضحايا بعيون زرق وشعر أشقر، وليس من بين الضحايا المعتادين، مثل العرب والأفارقة والأفغان وغيرهم، من ذوي الأرواح التي لا قيمة لها.

كان بودنا ألا نصدق بوتين عندما تحدث عن النازيين الحاكمين في أوكرانيا، لكننا اكتشفنا أن النازيين يحكمون أيضا بولونيا وسلوفاكيا وباقي البلدان الحدودية لأوكرانيا، التي يتصرف أفراد شرطتها بعقلية مشابهة مع الأفارقة والعرب.. والأكثر من هذا أن طبيعة تعامل الغرب كله مع الأزمة الأوكرانية تبدو موغلة في العنصرية وتصنيف الشعوب حسب ألوان عيونهم وشعرهم.. مما يشي ان الغرب كله صار، أو كان دائما، نازيا.. وربما أسوأ.

لماذا، إذن، لا نصدق بوتين..؟

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )