المساء اليوم – متابعة: بدأ الخوف يجتاح العالم من الحرب النووية بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوات الردع النووي الروسية في حالة تأهب، الخطوة التي جاءت، بحسب موسكو، ردًا على تصريحات غربية غير مسؤولة، وخصوصًا من بريطانيا، والتي صرحت وزيرة خارجيتها أن عدم توقف روسيا في أوكرانيا اليوم قد يعني تهديدًا لدول أخرى، وقد يؤدي ذلك إلى صراع مع حلف شمال الأطلسي. وقد وصل الرعب إلى ذروته يوم الجمعة الموافق 4 مارس 2022، حين أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لجوء من موسكو إلى ما أسماه "الرعب النووي" ومحاولة تكرار كارثة تشيرنوبيل، من خلال توجيه نيران القوات الروسية لمحطة (زابوريجيا) النووية في وسط أوكرانيا والأكبر في أوروبا، مما أدى إلى اندلاع حريق هائل في مبنى للتدريب، وانتهى الأمر بالتطمين من عدم عدم تجاوز المستوى الإشعاعي في محيط المحطة، وحبس الخبر طوال الصباح أنفاس العالم في خوف وترقب. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن الحرب النووية، فالتاريخ حافل بحوادث كارثية كان العالم فيها على وشك" الهلاك النووي"، حتى أن بعض هذه الحالات في الحرب الباردة وصلت إلى أن الخطر النووي أصبح على بعد ضغطة زر تقريبًا، ومن أبرزها، خمس حالات: الحرب الكورية واستخدام السلاح النووي ضد الصين أثر الدخول الصيني في الحرب الكورية، إلى جانب القوات الشيوعية لكوريا الشمالية، كثيرًا في مجرياتها وقلص الفارق في ميزان القوى الذي كان لصالح واشنطن وحلفائها الكوريين، وإن بقيت بعدها موازين القوى ترجح كفة أميركا. فخلال الحرب، وبعد التدخل الصيني العسكري حض أحد أهم جنرالات الجيش الأميركي، دوغلاس ماك آرثر، رئيس الولايات المتحدة الأميركية حينها، هاري ترومان، إلى توسيع الحرب إلى الأراضي الصينية نفسها، تحديدًا باستخدام سلاح الجو لقصف الجيش الصيني. ومع أن ماك آرثر لم يطلب رسميًا إعطاءه صلاحيات استخدام السلاح النووي، إلا أن كثيرين في الإدارة الأميركية، وبينهم ترومان نفسه، كانوا معتقدين برغبته أن يأخذ هذه الصلاحيات، لاستخدامها ضد الصين، لكن ترومان رفض توسيع الحرب، ولم تعط الصلاحيات لماك آرثر، بل أخرجه من قيادة الجيش الأمريكي لاحقًا. مع ذلك هدد ترومان باستخدام السلاح النووي ضدها، وأبقى هذا الخيار مطروحًا ضد الصين، فيما اعتبر ابتزازًا نوويًا من قبل أميركا، بل إن سلاح الجو الأميركي بدأ نقل الأسلحة النووية، تحسبًا لضرورة استخدامها ضد الصين وكوريا الشمالية، دون أن يحصل ذلك، علمًا بأن الصينيين لم يبدأوا بتطوير أسلحة نووية حتى أواخر الخمسينات. حرب السويس التي كادت تشعل حربًا نووية المرة الثانية التي هُدد فيه العالم بـ"السلاح النووي" كان خلال العدان الثاثي على مصر، بعد تأميم قناة السويس عام 1956، حيث أبدى الاتحاد السوفيتي تصميمه على استخدام القوة لسحق مهاجمي مصر، واستعادة السلام في الشرق الأوسط في حال اضطر إلى ذلك، كما أنه هدد باستخدام الأسلحة النووية ضد لندن وباريس في حال استمرار عدوانهما على مصر. لترد واشنطن على التهديد السوفياتي بتهديد مماثل، وذلك باستخدام الأسلحة النووية ضد موسكو، في حال قررت استهداف بريطانيا وفرنسا. لكن الحرب في النهاية انتهت، بعد أن عارضتها القوتان العالميتان معًا، فحتى الولايات المتحدة لم تكن راضية عن العدوان الثلاثي، واعتبر السوفيت الحرب انتصارًا دبلوماسيًا لها. أزمة الصواريخ الكوبية.. أقرب أيام العالم من الحرب النووية الخيار النووي كان مروحاً وبقوة خلال ما بات يعرف باسم (أزمة الصواريخ الكوبية)، والتي قامت بسبب محاولة نشر السوفيت لصواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية في كوبا لهدفين: هما منع واشنطن من القيام بأية عملية عسكرية لإطاحة حكم كاسترو، والآخر الرد على خطوة الولايات المتحدة بنشر أسلحة نووية في تركيا في 1959. خلال الأزمة كانت إحدى الغواصات السوفيتية الحاملة لأسلحة نووية تعبر المحيط الأطلسي باتجاه كوبا، قريبة من الولايات المتحدة الأميركية، بينما كانت السفن العسكرية الأميركية تُبحر فوقها، مانعة الغواصة من الاتجاه نحو السطح، وهو الأمر الذي تحتاجه الغواصة لشحن بطارياتها، واستخدام هوائيها للاتصال بقيادتها. منعًا لحدوث أي تصعيد كان على السفن الأميركية أن تتبع بروتوكولًا محددًا في تعاملها مع الغواصة يتضمن إرسال شحنات كهربائية غير ضارة في العمق للغواصة لتوجيهها إلى الصعود للسطح، ولكن في تلك اللحظة قرر أحد الجنود الأميركيين أن يلقي قنبلة يدوية في البحر بدلًا عن ذلك! مجبرًا قائد الغواصة السوفيتية على إصدار أوامر الاستعداد للرد على إطلاق النار. بالنسبة للغواصة السوفيتية التي لم تستطع الخروج إلى السطح، وبالتالي لم تستطع التواصل مع القيادة أو معرفة أي شيء عما يدور في الخارج، كان من الممكن أن تبدأ الحرب العالمية الثالثة بالفعل، وعليه قرر قائد الغواصة اتخاذ قرار منفرد بإطلاق الصواريخ النووية، ولولا أن أحد ضباط الغواصة ظل يقنعه بعدم استخدامها، لكانت تلك شرارة انطلاق الحرب العالمية بالفعل، ولاضطرت واشنطن إلى رد الاعتداء السوفيتي بالسلاح النووي أيضًا مع احتمالية نهاية العالم كله بسبب ذلك. وكان نقاش احتمال الوصول إلى حرب نووية شاملة حاضرًا في نقاشات إدارة الرئيس الأميركي حينها جون كينيدي، والذي كان الرئيس في فترة الأزمة الكوبية. تحضيرات نيكسون لقصف كوريا الشمالية بالنووي في عام 1969 أغرقت كوريا الشمالية سفينة حربية لكوريا الجنوبية، مخلفة 46 قتيلًا من طاقمها، وبدأ منذ ذلك تحضير الرد على هذا الهجوم من قبل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. بعدها قامت كوريا الشمالية بإسقاط طائرة تجسس أميركية، عندها بدأ الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، ومستشاره لشؤون الأمن القومي، هنري كيسنغر، دراسة خيارات الرد العسكري على كوريا الشمالية. من بين الخيارات التي كانت مطروحة بالنسبة لنيكسون، كانت خيار استخدام الأسلحة النووية، وقد صرح أحد طياري الولايات المتحدة أنه أمر بالاستعداد للإقلاع لاحقًا، وأن طائرته كانت تحمل قنابل نووية تقدر قدرتها التدميرية بأنها 20 ضعف قدرة القنبلة الملقاة على هيروشيما. لكن وبعد انتظار لساعات أمرت القيادة الطيار بألا يقلع في مهمته، وتجنبت كوريا الشمالية خطر قصفها بالقنابل النووية، وتجنب العالم احتمالية اندلاع حرب نووية شاملة. حرب أكتوبر.. الخطر ليس فقط من قبل الدول العظمى! خلال حرب أوكتوبر 1973، حث وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي دايان، رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير بأن تأخذ في عين الاعتبار احتمالية استخدام الأسلحة النووية في الحرب، خصوصًا إذا ما أصبح الجيش الإسرائيلي في خطر التفكك، أو واجهت إسرائيل خطرًا وجوديًا. وتزايد خطر احتمال استخدام الدول العظمى للأسلحة النووية، لكون الاتحاد السوفيتي حليفًا لمصر، والولايات المتحدة حليفًا لإسرائيل، وهذا يعني أن خطر قيام حروب نووية ليس مقتصرًا على الدول العظمى، بل إن دولة بحجم إسرائيل أيضًا كان عندها إمكانية إشعال حرب نووية.