عبد الله الدامون damounus@yahoo.com طوال عمره، لم يتذوق الفاتح المغربي فاكهة الأناناس.. لكننا رأيناه في المسلسل الأعجوبة "فتح الأندلس" يجلس أمام صحن فخم للفواكه تتوسطه فاكهة أناناس عملاقة، وقريبا، ربما في الحلقة الأخيرة، قد نراه جالسا في الماكدونالدز يأكل هامبورغر بالفريت. هذا المصير المحزن لطارق ابن زياد سببه أن المغرب يفرط في تاريخه ويسلمه للغرباء، عربا كانوا أو عجما، وقد نرى فيما تبقى من حلقات "فتخ" الأندلس غرائب كثيرة، في مسلسل قيل لنا إن عدد الذين كتبوا السيناريو 11 شخصا، فماذا لو كان كاتب السيناريو واحدا فقط..!!؟ الأناناس في صحن طارق ابن زياد لم تثر فقط غضب المغاربة، بل أثارت الكثير من السخرية والضحك المر، وشر البلية ما يضحك، فهذه الفاكهة اكتشفت بعد حوالي ألف عام من وفاة طارق ابن زياد، أي بعد وصول جحافل الإسبان والبرتغاليين إلى القارة الأمريكية، وبعدها أيضا تم اكتشاف نبتة البطاطس، والتي انتشرت لاحقا في باقي العالم، ويعلم الله إن كان المخرج الكويتي لهذا المسلسل قد سمع من قبل بهذه المعلومة أيضا أم أنه سيجمع البطاطس لاحقا في صحن واحد مع الأناناس. إن بلدا بتاريخ يمتد لآلاف السنين لا يجدر أن يسلم تاريخه لمن عمره أقل من أربعين عاما، فإن فعل فإنه يستحق هذا المصير، أما عندما يكون التلفزيون المغربي تحت رئاسة شخص اسمه فيصل العرايشي فإننا نستحق أكثر من هذا بكثير.. نستحق أن يظهر طارق ابن زياد في فيلم "أبي فوق الشجرة"، ويوسف ابن تاشفين إلى جانب إسماعيل ياسين. هناك حاليا "هاشتاغ" يلقى رواجا بين ملايين المغاربة يطالب المدير العام للتلفزيون، فيصل العرايشي، بالرحيل، والحقيقة أننا لا نريد من هذا الرجل أن يرحل، بل نريده أن يحاسب، والتهمة واضحة وجاهزة "النصب والاحتيال وتبذير أموال عمومية"، أما النصب والاحتيال فهو محاولة إقناعنا أن طارق ابن زياد كان يأكل الأناناس وأن المغاربة كانوا مجرد "كومبارس" في فتح الأندلس، أما تهمة تبذير الأموال فتتعلق بالملايير التي أنفقها هذا الرجل من جيوب المغاربة على أعمال تافهة، سواء تلك المتعلقة بسهرات حمقاء تسمى "فنية"، أو أعمال درامية مثيرة للقرف.. وأشياء كثيرة أخرى. نتمنى، إذن، ممن أطلقوا هاشتاغ "فيصل العرايشي ارحل" أن يقوموا بتعديله إلى هاشتاغ "حاسبوا فيصل العرايشي"، وهذه المحاسبة يجب أن تكون مستندة على افتحاص دقيق للسنوات العشرين التي أمضاها هذا الفرعون التلفزيوني على رأس تلفزيون يموله المغاربة من قوت عيالهم، واستمر يعربد داخل التلفزيون مثل فيل هائج داخل متجر للقش، من دون حسيب ولا رقيب. المغاربة حين ينادون بمحاسبة العرايشي ورحيله فإنه لا يفعلون أكثر من المطالبة بحقهم في تلفزيون حقيقي يحترم ذكاءهم وتاريخهم، تلفزيون حقيقي يعكس مدى نضج المغاربة ومدى حرصهم على قدسية تاريخهم.. يريدون تلفزيونا يعكس "تمغرابيت" الحقيقية في كل شيء.. وليس تلفزيونا يشتري الخردة ويسميها تاريخا. لو كنا في بلد يحترم نفسه لتم إيقاف مسلسل "فتخ" الأندلس منذ الحلقة الأولى أو الثانية، فلا وجود لكلمة أمازيغية واحدة، وسط جيش كله، تقريبا، أمازيغي مغربي، ولا وجود إلا لممثل مغربي واحد، جيء به من باب دفع الحرج، ولا وجود لدراما ولا لتاريخ ولا لحبكة ولا لاحترافية.. اللهم تلك العربية الفصحى المفخمة التي تحاول التغطية على رداءة المسلسل وهفواته الفظيعة، وكأن الأعمال الدرامية تصنعها أصوات مذيعي "هنا لندن". نريد أن يرحل ويحاسب فيصل العرايشي قبل أن يظهر طارق ابن زياد في الحلقة الأخيرة من "فتخ" الأندلس وهو يتناول "الهامبرغر بالفْريت" في الماكدونالدز وأمامه كأس كبير من الكوكا كولا.