الأصح هو أن تنخرط وزارتي الداخلية والعدل في محاربة الاختلاس وتبذير المال العام وليس العكس

المساء اليوم – هيأة التحرير:

لم تتأخر وزارة الداخلية كثيرا في التضامن مع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وأعلنت أنها، باعتبارها القطاع الحكومي المسؤول عن تدبير المساطر المتعلقة بالوضعية القانونية للجمعيات، تحتفظ بحقها في تفعيل المساطر القانونية والقضائية في حق الهيئات الجمعوية المخالفة للقانون.

وقال بيان للوزارة أن بعض الهيئات الجمعوية، خاصة الجمعيات المهنية، تقوم بإصدار بلاغات حول أنشطتها أو مواقفها أو إعلان قراراتها، بالرغم من عدم توفرها على الصفة القانونية التي تخول لها ذلك، بسبب عدم ملاءمتها مع المقتضيات القانونية أو لعدم تجديد أجهزتها المسيرة، كما يقتضي ذلك القانون المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات.

وأضاف البلاغ أنه “بالنظر لكون مثل هذه الممارسات تحمل تضليلا للرأي العام الوطني والدولي، وتمس جوهر دولة الحق والقانون القائم على المعادلة بين ممارسة الحقوق والالتزام بالواجبات، فإن وزارة الداخلية، باعتبارها القطاع الحكومي المسؤول عن تدبير المساطر المتعلقة بالوضعية القانونية للجمعيات، تحتفظ بحقها في تفعيل المساطر القانونية والقضائية في حق هاته الهيئات المخالفة للقانون”.

ويبدو من بيان وزارة الداخلية أنها ستكون حازمة، مستقبلا، في التعامل مع هذه الجمعيات التي تخرق قوانين التنظيم والتأسيس، وهذا شيء لن يلومها عليه أحد، لأن لا أحد فوق القانون.

لكن المشكلة أن هذا الحماس الكبير لوزارة الداخلية في التعامل مع هذه الجمعيات يبدو مفاجئا جدا، وأكثر ما يفاجئ هو أنه يأتي مباشرة بعد أن قررت عدد من الجمعيات المهتمة بالمال العام، تقديم شكاوى ضد سياسيين ومسؤولين تعتبرهم فاسدين ومختلسين للمال العام، ومباشرة، أيضا، بعد مداخلة برلمانية مثيرة للجدل لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، حول جمعيات حماية المال العام، وهو جدل ظهر من خلاله الوزير وكأنه يدافع عن السياسيين الفاسدين ويهاجم حماة المال العام.

هنا يزول عنصر المفاجأة ليتضح أن المسألة تتعلق بصراع توازنات، لأنه كان من الأجدر أن تتحرك وزارة الداخلية ضد الجمعيات التي تخرق القانون في وقت سابق وليس فقط في المرحلة الحالية حين اشتد الجدل بين حماة المال العام وسياسيين متهمين بالتبذير والاختلاس.

كان المغاربة سيتفهمون أكثر قرار وزارة الداخلية لو أنه جاء في وقت محايد، وليس في أوج الجدل، لأن الجمعيات التي تخرق القانون تفعل ذلك منذ أمد طويل وليس الآن فقط، لذلك فإن ربط محاسبة الفاسدين المفترضين بخرق عدد من الجمعيات للقوانين التنظيمية هو ربط غير سليم، وكان من الأجدى تجنبه حتى لا يتم الفهم بطريقة خاطئة من طرف المغاربة.

الأصح في كل هذا هو أن تنخرط وزارة الداخلية ووزارة العدل في محاربة الاختلاس وتبذير المال العام، وليس العكس.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )