“طوطو” يُشرع لمستقبل المغاربة.. والثعلب بنكيران يصطاد الأخطاء

عبد الله الدامون

لا يوجد في الواجهة هذه الأيام أكثر من وجه وزير يسمى عبد اللطيف وهبي، فمباشرة بعد خروجه سالما من قلب زوبعة “طوطو”، دخل مباشرة في معركة أخرى مع “زملائه” المحامين، الذين يخوضون معه معركة كسر عظام بكل ما في الكلمة من معنى.

الوزير وهبي لا يبدو أنه يتعب من فتح الجبهات، وهي جبهات خاسرة في أغلب الأحيان، لأنه بالموازاة مع معركته مع المحامين، فتح جبهة أكثر حساسية والمتمثلة في محاولة فرض مدونة أسرة جديدة، من بين أهم بنودها المقترحة، اعتبار الحمض النووي أساسا لنسبة الإبن لأبيه، فيما يشبه نسبة الجورب للحذاء بمنطق الرائحة.

ولم يتعب الوزير طويلا في اختراع نظرية أخرى متعلقة بالنسب، حين اقترح تعويضا يستمر 21 عاما على كل “رجل” أقام علاقة غير شرعية مع امرأة تنتهي بالولادة، بحيث يصرف “الأب” على وليده غير الشرعي لأزيد من عقدين، فيما يشبه عقوبة أو غرامة مالية ممتدة في الزمن ومستقلة تماما عن الدين والأعراف والمنطق.

هناك الكثير من المقترحات التي يعدها وهبي للمغاربة، فيما يشبه العلاج بالصدمة، والتي ستثير الكثير من الجدل، في مجتمع محافظ ومنافق في الوقت نفسه، فكان له ما يستحق من مسؤولين منافقين أولا وأخيرا.

خارج جدل المقترحات الجديدة، يدرك المغاربة أنه من الصعب أن يرسم لهم وزير مثل عبد اللطيف وهبي خارطة طريق مجتمعية نحو المستقبل، فرغم الجرعة الزائدة من الالتباس والنفاق في المجتمع المغربي الذي يعيش بأكثر من وجه، إلا أن رجلا مثل وهبي ينتمي لحزب مثل الأصالة والمعاصرة لا يمكن أبدا أن يشرع للمغاربة في الدنيا والدين، فهذا الوزير هو نفسه الذي طلب من المغاربة، قبل بضعة أسابيع، أن يعتذروا لشخص يدعى “طوطو”، الذي ظهر يحتسي الخمر ويستهلك المخدرات فوق خشبة مهرجان فني بالعاصمة الرباط، وهو مهرجان ممول من جيوب المغاربة، ولم يكتف وهبي بدعوة المغاربة للاعتذار لمدمن المخدرات، بل قال إن هذا المدمن “له الحرية المطلقة”.

لن نقول إن وهبي شخص غير متزن، لكن أفكاره ليست كذلك بالتأكيد، وبما أنه يشغل حاليا منصب الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة”، فيمكننا أن نشك في أن وهبي يقتسم دماغه مباشرة مع دماغ سلفه إلياس العماري، الذي “رحل” من الساحة السياسية وفي جعبته الكثير من النوادر، إلى درجة أن ذلك الثعلب المتقلب، عبد الإله بنكيران، قال يوما إنه لن يحتاج إلى حملة انتخابية ما دام إلياس العماري هو الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.

ها هو التاريخ يكرر نفسه، فبالموازاة مع العودة البطيئة لبنكيران إلى الساحة السياسية، يبدو زعيم “البام” مستعجلا جدا لاقتراف كل الأخطاء التي ستصب الماء في طاحونة بنكيران والعدالة والتنمية، وكأن “البام” لم يخلق إلا لكي يدور ويدور ويصب المزيد من الماء في طاحونة إسلاميي “البيجيدي”.

عموما، أمامنا الكثير من الفرجة، وسنشاهد في وهبي نسخة مكررة من إلياس العماري، في إثارته وغرابته وتصريحاته المسلية والمقززة، بينما على الطرف الآخر يوجد زعيم يكرر نفسه بلا كلل، يقتعد ركنا معتما من صالون بيته (الذي انتهى أخيرا من تأثيثه)، ومن هناك يفتي في شؤون الدنيا والدين كما لو كان يبيع الأفيون بالتقسيط، ولا تستغربوا أبدا أن يعود في الانتخابات المقبلة رئيسا، ما دام خصومه أوفياء لاقتراف الأخطاء الغبية والمكلفة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )