المساء اليوم - ع. الدامون: ما حدث لحزب العدالة والتنمية بعد بيان القصر الملكي يشبه حالة شخص فقد الذاكرة، وحين عاد إليه رشده وجد أن الأوان قد فات، لذلك طلب الحزب من أتباعه عدم التعليق أو الرد على بيان القصر! المشكلة أن حزب البيجيدي لم يكتف بفقد ذاكرته لمرة واحدة فقط، بل يفقدها باستمرار، وأسوأ ما يمكن أن يحدث له هو أن ينسى أنه فقد عذريته وأريق "دمه" من زمان.. وما تبقى مجرد تفاصيل. لن نتحدث عن تفاصيل السنوات العشر التي قضاها البيجيدي في "الحكم"، فهي أكثر من أن تحصى، لكننا سنركز على حالة واحدة وهي عندما وقع أمينه العام ورئيس الحكومة وقتها، سعد الدين العثماني، على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، وعندما عوتب على ذلك قال إن العلاقات الخارجية بيد الدولة. بشكل سريع نسي العثماني ومن معه أن العلاقات الخارجية بيد الدولة، وهاجموا التطبيع الذي وقعوه، في واحدة من أغرب حالات الشيزوفرينيا المستعصية على العلاج... مشكلة البيجيدي أنه لا يريد فهم أن مصيره لن يكون أفضل من مصير الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تحول إلى مجرد حزب هجين بعد وصوله إلى "الحكم"، فقوانين الطبيعة في السياسة لا ترحم أحدا سواء كان اشتراكيا أو إسلاميا أو غير ذلك. اليوم، يحاول بنكيران، بعد تسلمه جثة البيجيدي عقب انتخابات 2021، أن يعيد الروح إلى جسد شبه متعفن، فاقترف أولى أكبر الأخطاء، ليس مع القصر فقط، بل مع المغاربة عموما، الذين يعاينون حزبا يوقع على التطبيع ويدافع عنه ثم يهاجمه بقوة... فالورطة ليست مع القصر الملكي، بل هي ورطة الحزب مع نفسه، حزب بدأ في افتراس نفسه قبل عشر سنوات، ولا يزال يفعل ذلك بكثير من الإصرار والنهم. غير أن أكبر المفارقات هي أن حزب العدالة والتنمية ولد في يد عبد الإله بنكيران، ومن سخرية الأقدار أن يموت في يده، وهذه أكبر ورطة يمكن أن يقع فيها أي سياسي.. أن يموت "رضيعه" في يده!..