قناة “الجزيرة”.. غواصة الجزائر..!

المساء اليوم- ع. الدامون:

في بضعة أشهر فقط، ظهر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوارين كبيرين بقناة “الجزيرة” القطرية، والموضوع الرئيسي لم يكن شيئا آخر غير المغرب وما يرتبط به من قضية الصحراء والتطبيع وغير ذلك.

ليس من عادة قناة “الجزيرة” أن تستضيف رئيس دولة في حوارين كبيرين في بضعة أشهر، غير أنها فعلت ذلك مع الرئيس الجزائري، وهو ما تفسره مصادر بالقناة بأن الطلب، في الحوارين معا، جاء من قصر المرادية بالجزائر.

بالنظر للعلاقات الجيدة بين الدوحة والجزائر، فإن قناة “الجزيرة” لا يمكن أن ترد طلبا للجار الشرقي للمغرب، كما أن الجزائر تتوفر على عدد مهم من الصحافيين الجزائريين بالقناة، منهم من يمارسون بمهنية وكفاءة، ومنهم من يعتبرون أداة طيعة في أيدي الحكومة، أو المخابرات الجزائرية.

عموما، لا أحد يمكنه أن يلوم الرئيس الجزائري على شهيته المفتوحة للحوارات، خصوصا بقناة الجزيرة، كما أن لا أحد يمكنه أن يلوم قطر على علاقتها الجيدة مع الجزائر، ويكفي رصد الاستثمارات القطرية في الجزائر لإدراك هذا المعطى.

ما يمكن أن نتساءل حوله هو أن المسؤولين المغاربة يبدون غير مبالين بمثل هذه الحوارات، وليس هناك ما يفيد أن قناة “الجزيرة” رفضت يوما طلبا مغربيا لإجراء حوار مع سياسي بارز، رغم أن المغرب يتعرض للكثير من الهجومات، تصريحا وتلميحا، من الرئيس الجزائري مباشرة، إلى درجة أننا صرنا نتوقع أنه في حال تم إعلان حرب على المغرب فسيتم ذلك عبر قناة “الجزيرة”.

نتذكر أنه في الحوار الأول لتبون مع “الجزيرة” حاوره الصحفي الجزائري عبد القادر عياض، وفي الثاني كان الحوار مع الصحفية الجزائرية خديجة بن قنة، ولا نفهم ما السر في اختيار صحفيين جزائريين مع أن القناة ممتلئة بصحافيين أكفاء من مختلف الجنسيات وعلى اطلاع واسع بالواقع العربي والدولي.

نتذكر أيضا أن الحوار الأول مع عياض كانت خلفيته أعلام جزائرية فقط، وفي الحوار الثاني مع بن قنة كانت هناك خارطة بارزة للجزائر، وهو ما يبدو أنه رد واضح على ما تم تداوله بقوة حول الصحراء الشرقية المغربية، التي ألحقتها فرنسا بالجزائر زمن الاستعمار وصارت اليوم “أيضا جزائرية” بحكم الأمر الواقع.

لن نتطرق إلى تفاصيل الحوارين، لكننا نتوقع حوارا ثالثا في وقت قريب، سيكون المغرب، أيضا، حاضرا فيه بقوة، بينما لن نتوقع حضور مسؤول مغربي كبير في القناة، ليس فقط للدفاع، بل لطرح وجهة نظر المغرب في القضايا الكبرى، وعلى رأسها قضية الصحراء.

من المثير أن المغرب والجزائر يعانيان معا من فشل إعلامهما الرسمي، والفشل المغربي أوضح، بعد أن تم تسليم القنوات الرسمية لشخص اسمه فيصل العرايشي لكي يلعب فيها كيف يشاء ويبذر المال العام بأسوأ الطرق، بينما المغرب يتعرض لحملات إعلامية مستمرة وممنهجة.

وحتى الآن تبدو الجزائر متفوقة في اختيار غواصاتها الإعلامية الخارجية، بينما المغرب لا يزال يكتفي برد الفعل، وإعلامه محنط في أيدي عابثة كل ما تفعله هو إمطار المشاهدين بأعمال كوميدية أو درامية مقرفة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )