تديرها شبكات منظمة أمام عيون السلطة: فضيحة كبيرة في طنجة اسمها ملاعب القرب

المساء اليوم – أ. فلاح:

قد تكون الصدفة وحدها التي أدت إلى إماطة الغطاء عن الواقع الفضائحي الذي تشهده ملاعب القرب في طنجة، والتي أصبحت في غالبيتها العظمى تحت سيطرة شبكات منظمة، وذلك أمام سمع وأنظار السلطات.

وعلى الرغم من أن هذا الواقع بدأ منذ سنوات طويلة، إلا أن غياب القانون وسيادة منطق التواطؤات والتستر على الفساد جعلت هذا الملف يكبر مثل المزبلة، إلى أن أصبح على ما هو عليه الآن حيث رائحته تزكم الأنوف.

وكانت بعض الأصوات تطالب من قبل بضرورة تدخل السلطات من أجل وضع حد لمافيا ملاعب القرب، غير أن أصواتها كانت مثل صيحة في واد، حيث تعتمد شبكات ملاعب القرب على الترهيب والترغيب، إلى درجة أن ولاة طنجة السابقين لم يجرؤوا بأنفسهم على فتح هذا الملف القذر، وآخرهم الوالي محمد مهيدية الذي انتقل مؤخرا إلى الدار البيضاء.

وتفجر هذا الملف بشكل كبير بعد برمجة نقطتين بدورة فبراير للمجلس الجماعي لمدينة طنجة، تتعلقان بتفويت ملعبين بمنطقة الزياتن يستعملهما فريق اتحاد طنجة في التداريب بسبب الإصلاحات التي يعرفها ملعب طنجة الكبير.

وخلال هذه الدورة تقدمت عصبة الشمال لكرة القدم، التي يرأسها المدعو عبد اللطيف العافية منذ سنوات طويلة، بطلب الحصول على الملعبين، لتضيفهما إلى ملاعبها الأخرى التي تحتكرها ضد القانون، والتي أصبحت تشبه الضيعات وتتصرف فيها العصبة بطريقة توحي بأنها ورثتها عن أجدادها، بينما ملاعب القرب مشيدة بالمال العام ومخصصة أصلا لشباب وأطفال الأحياء الفقيرة وأبناء الطبقات الهشة اجتماعيا وماديا.

ولم تكتف عصبة الشمال لكرة القدم بذلك، بل طالبت أيضا بتفويت تسيير المنح الرياضية للعصبة ذاتها، أي أنها اعتقدت أنها أمسكت “بقرة ملاعب القرن” من قرونها ومن حقها أن تحلبها وتأكل لحمها وتبيع جلدها.

لكن المثير هو أن هاتين النقطتين تمت برمجتها من طرف سلطات طنجة، التي كان يفترض أن تفكك شبكات وملاعب القرب وتتابع قضائيا الذين اغتنوا من ورائها، وكثير منهم يستحقون السجن، لكن هذه السلطات ينطبق عليها المثل القائل “الفقيه اللي كنا نتسناو بركتو دخل للجامع ببلغتو”.

كما أن عمدة المدينة، منير ليموري، لا يستطيع بدوره تحريك دجاجة عن بيضها، فهو يوصف بأنه أضعف عمدة في المغرب وفي تاريخ عمداء طنجة، ولولا رفض أعضاء المجلس الجماعي لهذا التفويت لتمت الكارثة وفازت شبكات ملاعب القرب ب”همزتين جديدتين”!

ومن بين المنتفضين ضد هذا القرار حسن بلخيضر، المستشار الجماعي والمسؤول السابق في فريق اتحاد طنجة، والذي استغرب من محاولات تفويت الملعبين لعصبة الشمال لكرة القدم، علما، يقول بلخيضر، أن الملعبين تحت تصرف فريق اتحاد طنجة منذ سنة 1991 إلى اليوم عن طريق اتفاقية لمدة خمس سنوات تجدد تلقائيا، كما أن الملعبين كان يضعهما فريق اتحاد طنجة وجماعة طنجة رهن إشارة فرق العصبة في المباريات الرسمية والودية والتداريب مجانا.

ويضيف بلخيضر “لا أعرف لماذا تريد بعض الأطراف الآن الاستحواذ على الملعبين وحرمان الفريق منهما، خاصة وأن الفريق له مدرسة وعشرة فرق تمثل الفئات الصغرى للفريق”.

وتساءل بلخيضر لماذا لا أحد يتكلم عن ملعب ابن خلدون والذي كان الهدف من إصلاحه من طرف الجامعة والولاية أن يكون رهن إشارة فرق العصبة، والجامعة هي من قامت بتمويله، وتقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير نبه جماعة طنجة لإشكالية ملاعب القرب والتي توجد خارج تصرف جماعة طنجة”.

يذكر أن ملعب ابن خلدون أصبح تابعا بالكامل لفريق “أجاكس طنجة” لكرة القدم، الذي يرأسه عبد اللطيف العافية، وهو نفسه رئيس عصبة الشمال لكرة القدم، وهو ما جعل الكثيرين يلقبونه ب”لقجع الصغير”، أو “لقجيجع”، بالنظر إلى أن رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم هو نفسه رئيس فريق نهضة بركان الذي ينافس في البطولة، بل إن العافية يتباهى علنا بصداقته مع لقجع.

ولا تخضع مداخيل ملعب ابن خلدون لمراقبة حقيقية، مع أنه يكتظ طوال اليوم بمئات اللاعبين الصغار الذين يؤدون مقابلا شهريا لذلك، كما أنه يتم كراء الملعب باستمرار، مع تفاصيل كثيرة أخرى سنعود إليها بالتفصيل في حلقاتنا المقبلة، حيث سنكشف تفاصيل مفجعة عن واقع ملاعب القرب التي تحولت إلى اقتصاد ريع حقيقي في أيدي شبكات منظمة حرفت التصور الملكي لبناء هذه الملاعب التي كانت تهدف إلى استيعاب أبناء الطبقات الفقيرة، بينما جعلتها هذه الشبكات وسيلة للاغتناء ومراكمة الثروات ودفع أبناء الفقراء إلى الفراغ والانحراف واستهلاك المخدرات.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )