المساء اليوم - أحمد فلاح: تسير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، برئاسة فيصل العرايشي، إلى الاستحواذ النهائي على ما تبقى من المؤسسات الإعلامية شبه العمومية، آخرها المحطة الإذاعية "مدي 1"، الموجود مقرها في طنجة. وكانت الشركة الوطنية استحوذت من قبل على القناة التلفزيونية التوأم لإذاعة مدي 1، وألحقتها بباقي القنوات التلفزيونية والإذاعية التي تهيمن عليها، والتي تتتلقى انتقادات لاذعة من جانب المشاهدين بسبب ضعف المهنية وتحولها جميعها إلى بوق واحد متعدد المخارج. وصدر مؤخرا بالجريدة الرسمية مرسوم يسمح للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT) باقتناء 86.3% من رأسمال شركة إذاعة ميدي 1 (MEDI 1 RADIO) وشركتها التابعة المسماة REGIE3. جاء ذلك بموجب مرسوم رقم 2.23.679 صادر في 6 شعبان 1445 (16 فبراير 2024) تم نشره في الجريدة الرسمية عدد 7275 – 19 فبراير 2024. وكان مجلس المنافسة قد أعلن عن تلقيه إخطارا بمشروع للتركيز الاقتصادي يتعلق باستحواذ الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على 86,3 بالمائة من رأس المال وحقوق التصويت في إذاعة البحر الأبيض المتوسط. وأوضح المجلس أن نشره لهذا الإخطار بأتي تماشيا مع المادة 13 من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والمادة 10 من المرسوم 652-14-2 المتصل بتطبيق القانون 104.12. وبعد إلحاق إذاعة مدي 1 بباقي القنوات التلفزيونية والإذاعية للشركة الوطنية، يسود تخوف عام من تدهور مستوى هذه الإذاعة التي استطاعت، لعدة عقود، الحفاظ على درجة من الاستقلالية والمهنية، وهو ما منحها طابعا خاصا، مع حصولها على امتياز متفرد وقتها وهو بث برامجها وأخبارها باللغتين العربية والفرنسية. وتأسست إذاعة مدي 1، واسمها الكامل "إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية مدي 1"، سنة 1980 بمبادرة شخصية من الملك الراحل الحسن الثاني، واستطاعت فرض خط تحريري خاص منحها نسبة استماع عالية في البلدان المغاربية المجاورة، خصوصا الجزائر، واعتبرت في ذلك الوقت مبادرة إعلامية ذكية في وقت كان الإعلام المغربي لا يزال يعيش في أوج سنوات الرصاص الإعلامية. واستقطبت الإذاعة على مر تاريخها أسماء لامعة في مختلف المجالات، ولا تزال تحظى بتقدير مستمعيها، رغم تراجعها النسبي في معدل الاستماع، لكنها تتفوق على العشرات من الإذاعات المغربية الخاصة التي نشأت مؤخرا في إطار ما سمي تحرير القطاع السمعي البصري. ويسود تخوف من أن يتحول هذا الإرث الإعلامي المتميز لإذاعة "مدي 1" إلى مجرد ماض، بعد أن تدخل ضمن حظيرة قنوات وإذاعات فيصل العرايشي، والذي يعتبر الأب الروحي لتخلف الإعلام العمومي المغربي في وقت تطور هذا الإعلام في مختلف بقاع العالم، بما في ذلك إعلام البلدان المتخلفة. وكانت آخر المزالق القوية لقنوات العرايشي هو تأخرها الغريب في الإعلان عن خبر زلزال الحوز، الذي ضرب المغرب في شتنبر الماضي، في وقت كانت فيه كل القنوات العالمية تتحدث عن الحجم الكبير للزلزال وأعداد الضحايا.