المساء اليوم - هيأة التحرير: لا أحد يمكنه أن يلوم الإسبان على خوفهم من إمكانية تلوث "الفراولة" (الفريسا) القادمة من المغرب، رغم أننا نعرف أن هناك حربا شرسة تخوضها جمعيات فلاحية وأحزاب يمينية ضد كل ما يأتي من المغرب. لكن هناك الواقع الذي لا يعلى عليه، وهو أنه إذا كانت هذه الفاكهة تحمل بقايا مواد كيماوية فوق اللازم فإنه من حق الإسبان أو غيرهم حماية أنفسهم، ونحن نعلم جيدا المقاييس الصارمة للاتحاد الأوربي تجاه كل ما يهم صحة المستهلك، فالمواطن الأوربي ليس مجرد رقم على الهامش يمكن أن يستهلك أي شيء، بل إنه مواطن حقيقي تحميه القوانين بصرامة وتضع صحته فوق كل اعتبار. لكن السؤال ليس في علاقة الإسبان بالفريسا المغربية، بل السؤال الحقيقي هو علاقة المغاربة أنفسهم بهذه الفاكهة وفواكه أخرى عادة ما تنزل إلى الأسواق ويتم استهلاكها بكثافة، أما إن كانت رخيصة فإنها تتحول إلى وليمة حقيقية. من حق المغاربة، إذن، أن يطرحوا أسئلة منطقية تهم صحتهم وسلامة أبدانهم، لأنه إذا كانت المراقبة الصارمة في إسبانيا اكتشفت جرعة فيروسية زائدة في الفريسا، فأين كانت المصالح الصحية المغربية، ليس فقط فيما يتعلق بالفريسا المصدرة للخارج، بل بهذه الفاكهة الموجودة بكثافة في الأسواق المغربية والتي تحولت إلى مادة غذائية لا غنى عنها. بعد انفجار الحملة الإعلامية ضد هذه الفاكهة في إسبانيا، أكد مصدر من المكتب الوطني للسلامة الصحية “ONSSA” ، أنه تم فتح تحقيق في الموضوع، من أجل التأكد من صحة ما يتم الترويج له. وأوضح المصدر نفسه، أن المسؤولين بـ “لونسا” ينتظرون ظهور نتائج عينات من فاكهة الفراولة التي قام بإرسالها للمختبر من أجل كشف حقيقة ما يتم تداوله في الأوساط الفلاحية الإسبانية. غير أن المثير هو أن المصدر أكد أن السوق الوطنية غير معنية بما يتم الترويج له، مضيفا أن الفراولة المطروحة في السوق سليمة. وكل هذا الكلام قيل من دون تقديم أدلة ملموسة، وهو يشبه التعبير المغربي الشائع "اللي ما قتل يسمن"، فالعادة جرت أن يستهلك المواطن المغربي أي شيء ومن دون طرح أسئلة كثيرة. والمشكلة أن المغاربة لم يهتموا يوما بالفيروسات التي يمكن أن تصيب الخضر والفواكه بقدر ما ينشغلون بأسعارها، وهو ما دفع الكثير من الفلاحين الجشعين إلى استعمال مواد كيماوية مبالغ فيها أو محظورة يمكن أن تصيب المستهلك المغربي بأضرار جسيمة، لكن هذا الموضوع يبقي مسكوتا عنه وفق نظرية "كم حاجة قضيناها بتركها". المغاربة اليوم على أبواب رمضان، والاستهلاك يرتفع بشكل جنوني، ومن بين المواد المستهلكة بكثرة الفواكه والخضار، وما جرى مع "الفريسا" في إسبانيا يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا، فليست صحة المستهلك الإسباني أهم من صحتنا، والجميع صار يعرف أن المواد الفلاحية التي ترفضها أوربا لأسباب صحية يعاد توزيعها في الأسواق الداخلية بثمن أقل وذلك وفق نظرية "المغربي عطيه اللي كان.. ولكن رد البال مع الأوربي لأنه محمي وعندو قيمتو..".. هذا أخطر ما يمكن أن يحدث..