المساء اليوم - تطوان: في وقت سابق من الأسبوع الماضي، نشر الرئيس السابق لجماعة الجبهة، المعتصم أمغوز، تدوينة مثيرة اعتبرها البعض عبارة عن تبليغ عن جريمة، حين قال إنه تقدم بشكاية ضد سياسي نافذ بتطوان بتهمة النصب والاحتيال. وكانت هذه التدوينة المفاجئة جريئة خصوصا مع ما يتداوله سكان المدينة عن إمكانية تورط نائب لرئيس جماعة تطوان في الموضوع، وما زاد من جرعة تدوينة أمغوز هو أنه تحدث عن كون السياسي التطواني يستعين في عمليات "النصب والاحتيال" بصور له مع شخصيات كبيرة. كانت هذه التدوينة تشبه بداية إماطة اللثام عن الزوايا المظلمة في حياة الكثير من السياسيين بتطوان وبغيرها، وتوقع كثيرون أن يتم فتح تحقيق معمق بناء على هذه التدوينة التي تركت بلبلة واسعة في الشارع التطواني. غير أن المعتصم أمغوز، وهو رئيس جماعة سابق ومسؤول حالي في المجلس الاقليمي بالشاون ونواحيها، عاد ليعتبر ما كتبه في البداية "مجرد هلوسة"، وهو تصريح خطير من طرف إنسان مسؤول، بل ذهب أبعد من ذلك ليعلن أنه على موعد مع "المتهم بالنصب والاحتيال" من أجل الصلح. وحتى اليوم، فإنه لم يتم استدعاء أمغوز من طرف الجهات المعنية للتحقيق معه حول "جريمة النصب والاحتيال" التي أبلغ عنها في تدوينته، خصوصا وأنه تحدث عن طرف ثالث، وهم الشخصيات التي يظهر معهم المتهم بالنصب في عدد من الصور، وهم أشخاص لهم قيمتهم الاعتبارية في البلاد. ويتساءل الشارع التطواني عن حرمة القانون ودوره في مثل هذه المواقف، وهل يحق لسياسي ومنتخب أن يعلن عن جريمة ضد شخص معين ثم يعلن عن تراجعه عنها والجلوس مع المتهم كأنه صديق حميم. فأي دور يبقى للقانون وحرمة الدولة بعد ذلك!؟ كما أن حديث أمغوز عن كون تدوينته "مجرد هلوسة" تفترض من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، أن تفتح تحقيقا عاجلا وجديا حول القدرات العقلية لهذا الشخص، وهو مسؤول حالي في المجلس الإقليمي لشفشاون، لأن القوانين لا تسمح لشخص مهلوس أن يقرر في الشأن العام، مع ما يشكله من خطورة مفترضة على نفسه وعلى المجتمع. كما أن الشخص الذي اتهمه أمغوز بالنصب والاحتيال واستعمال "صور" من أجل التدليس، يشكل في كل الأحوال خطرا على المجتمع، حتى لو تصالح معه أمغوز، لأن الصلح الفردي بين "النصاب والضحية" لا يعني وقف الخطر الذي يشكله النصاب المحتمل على باقي أفراد المجتمع. ومن المفترض أن أبغوز استرجع حقه من النصاب المفترض باعترافه الشخصي (وإن لم يسترجعه فتلك طامة كبرى)، لكنه فضل أن يفعل ذلك بطرق ملتوية عوض الاعتماد على الدولة والمحاكم، أي أنه خوصص مفهوم العدالة، واكتفى بتدوينة يتيمة سرعان ما سحبها، لكنها خلقت بلبلة كبرى وسط الرأي العام لأن الأمر يتعلق بشخصيتين عموميتين. وينتظر الرأي العام في تطوان، وفي المغرب عموما، أن تتحرك النيابة العامة في أقرب وقت لتعميق البحث في تدوينة أمغوز وحكاية "الصور"، وهو اتهام خطير لطرف ثالث، وفي حالة العكس ونسيان الموضوع، فإن القانون في تطوان، وفي البلاد عموما، سيكون شبيها بالنعامة.