المساء اليوم - طنجة: قد يكون الأمر قريبا من الخيال، لكن ما يحدث شيء واقعي جدا، حيث تقوم شبكة منظمة منذ أشهر طويلة بحفل تزوير حقيقي، في ملف عقاري بطنجة، والذي خرج من حالة المعقول ودخل خانة اللامعقول بعد سلسلة من عمليات التزوير والنصب من أجل تضليل العدالة. وبدأ الملف مع الشكاية المسجلة بتاريخ 14 شتنبر 2022 موجهة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة تحت رقم 3101/395 /2022، والمتعلقة بتزوير وثيقة عدلية لتضمينها وقائع مخالفة للحقيقة واستعمالها، والنصب والاحتيال. ويمكن تلخيص الملف في كون الطرف المشتكي، ع. ش، كان قد اتفق مع المالك الأصلي لقطعة أرضية أن ينجز البناء من ماله الخاص، وعند انتهاء البناء يقتسمون العقار مناصفة، غير أن ابن المالك الأصلي استند إلى "هبة" وزعم أنه هو من قام بالبناء، وقام بتفويت العقار للمدعو أ. م، الذي صار شريكا أساسيا في عمليات التزوير. المشتكى بهم في هذا الملف هم ب. ش، و أ. م، مع عدلين، قبل أن تلحق شكاية أخرى لنفس المشتكي ضد خبير ومساح طوبوغرافي. والمثير أنه بالموازاة مع استمرار هذا الملف وتأخره في الدهاليز، فإن هذه الشبكة لم تتوقف ولو لحظة في ارتكاب الأخطاء القاتلة، مقترفة التزوير تلو الآخر، معتقدة أنه من السهل تضليل العدالة. فصول الإثارة في هذا الملف بدأت في المحافظة العقارية، التي استندت على ملكية سبق استعمالها من أجل إنجاز عملية تحفيظ جديدة، دون بحث المحافظة في أصل التملك. واستعمل المشتكى به، ب. ش، ملكية مضمنة بكناش الأملاك 77 صحيفة 213 عدد 346، وهي نفس الوثيقة ذات الرسم العقاري عدد 06/51089، حسب ما هو ثابت في إفادة المحافظة العقارية المؤرخة في 19 ماي 2022، والتي بواسطتها حاول المشتكى بهم الاستيلاء على بناية مساحتها 360 متر مربع، وجعلها تحمل نفس مراجع القطعة الأرضية المحفظة، أي باستعمال رقم عقار محفظ للسطو على عقار آخر مجاور غير محفظ، في عملية تزوير خطيرة جدا، والتي تمكن هذه الشبكة من الاستيلاء على ما شاؤوا من الأراضي. غير أن هذا التزوير الذي يمكن تسميته ب"التزوير الأم"، لم يكن الوحيد، لأن الشبكة، وبفعل إحساسها بثقة بالغة في النفس، لأسباب سنأتي على ذكرها في حلقات مقبلة، ركبت قطارا سريعا اسمه "قطار التزوير" واقترفت عددا كبيرا من الأخطاء القاتلة، يكفي فقط الإشارة إلى بعضها، من بينها الاستناد على وثيقة هبة مشبوهة، والتعامل بتوقيعات تكتنفها شبهات كبيرة، وإقحام أسماء مهندسين ومحامين في الملف وهم في الحقيقة لا علاقة لهم بالملف، وكمثال على ذلك إقحام اسم محامي في الملف، وثبت أنه لا علاقة له به، وفق إقرار من طرفه يتوفر موقع "المساء اليوم"، على نسخة منه، أو إقحام اسم مهندس شهير بأنه أنجز مسحا طوبوغرافيا وثبت أنه لم ينجز ذلك، وقد أقر بنفسه بذلك عبر إقرار يتوفر الموقع على نسخة منه. والمثير أن عملية التضليل شملت حتى دفاع المشتكى بهم، الذي يكتفي بمذكرات لا علاقة لها بالوثائق المضمنة في الملف، والتي وصلت حد الافتراء وإغراق الملف بوثائق لا علاقة لها بموضوع التزوير، في محاولة لتعويم الشكاية وتحويلها إلى مجرد شكاية عادية. غير أنه من أبرز عمليات النصب والاحتيال في هذا الملف هو ما حدث في "كناش ج"، المتعلق بتصريح البناء للمشتكى به ب. ش، حيث حدد عدلان، بخط اليد، وصفا غامضا للعقار المستولى عليه ومن دون أي استنادا إلى أصل التملك، ومن دون أي تحديد واضح للعقار، مع توقيع غريب، غير أن نسختين ملحقتين بهذا التصريح كتبتا بالحاسوب تضمنتا معلومات وفيرة لا وجود لها أصلا في الوثيقة الأصلية، وهو موضوع يحتاج لكثير من التفاصيل، لذلك سنعود له في حلقة خاصة، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى حول عمليات الاختفاء الغامضة لوثائق، من بينها وثيقة متعلقة بمعاينة أمنية تؤكد أن المشتكي ع. ش، هو من قام بالبناء، وهي وثيقة تعتبر كابوسا حقيقيا بالنسبة لهذه الشبكة. وهناك أيضا كابوس آخر يؤرق هذه الشبكة، وهي أن هذا الملف خرج من العتمة والكولسة وصار تحت ضوء النهار، وهو ما يجعل كل المكولسين يحسبونها ألف مرة قبل الاستمرار في "حفل التزوير" الذي كان هدفه تضليل العدالة.