المساء اليوم - ع. الدامون: باستثناء عبارة "ميرسي بوكو" التي نطقتها مغنية أمريكية في ليلة حفل "اليوم العالمي للجاز" بقصر الفنون بطنجة، فإن كل شيء دار بالإنجليزية، تقديم الحفل واختتامه وكلماته وأغانيه ومناقشاته الهامشية ونكاته وضحكاته.. إنها ليلة عرفت فيها الفرنسية قدرها الحقيقي. في حفل ليلة الجاز جلس الكثير من المسؤولين المغاربة في الصفوف الأمامية في الحفل وهم يسمعون أغاني عالمية لمطربين نجوم، ولا نعرف هل فهموا شيئا منها، وفي كثير من الأحيان كانوا يصفقون عندما يسمعون الآخرين يصفقون، خصوصا خلال الكلمات التي تخللت الحفل والتي تمت بإنجليزية قحة وبلكنة أمريكية. حفل الجاز ليس سوى مثال على أن اللغة الفرنسية لم يعد لها مكان في العالم، وأن إصرار اللوبي الفرنسي المغربي على الولاء لهذه اللغة هو إهانة لذكاء المغاربة وتلاعب بمصير ومستقبل أبنائهم، فهذه اللغة لم تعد تقنع حتى الفرنسيين الذين يدرسون العلوم العالمية بالإنجليزية. كما أن حفل الجاز كان مناسبة لكي نتساءل كم من مسؤول ومنتخب مغربي يتقن الإنجليزية، وكم من مسؤول قادر على التواصل بها مع العالم، ونطرح هذا السؤال في ظل ما يروج بأن أغلب المسؤولين المغاربة الذين حضروا حفل الجاز كانوا محرجين أمام ضيوفهم، بل وتجنبوا التواصل معهم مباشرة، لأن الأمريكيين لا يتحدثون الفرنسية، والعربية طبعا، والمسؤولون المغاربة لا يتحدثون الإنجليزية. ومن المثير للسخرية أن أغلب مسؤولينا هم ممن درسوا هندسة القناطر في فرنسا، لكنهم في النهاية لا يستطيعون صنع قنطرة صغيرة للتواصل مع غيرهم من المتحدثين بالإنجليزية..! لم تكن "ليلة الجاز" مجرد حفل باذخ استهلك الملايير، بل كانت مناسبة أيضا لفضح مشكلتنا اللغوية أمام العالم الحقيقي، وليس مع العالم الفرنكفوني، فاللغة الفرنسية "حدها باريس"، وبعض بلدان إفريقيا، بينما اللغة الإنجليزية صارت عالمية بكل المقاييس. عموما، نتمنى أن يستيقظ اللوبي الفرنكفوني من سباته ويتوقف عن ممارسة هذا النفاق الفاقع وأن يعترف أن اللغة الفرنسية تضع عصا كبيرة في عجلات تقدم الأمم، وأنه آن الأوان لكي نغير مناهجنا التعليمية ونمنح الأولوية للغاتنا الأم أولا، ثم نجعل الإنجليزية لغة التعليم في كل مراحل التدريس، بينما يمكن للغة الفرنسية أن تبقى سيدة الصالونات التي يتنمر فيها الأغبياء على بعضهم البعض بلغة لا علاقة لهم بها ولا علاقة لها بهم.. اللهم الولاء الأعمى لأمهم فرنسا..!