البوطاغاز.. والكبش.. وموريتانيا.. والدولة..!

المساء اليوم – ع. الدامون:

تعتبر البوطاغاز أثقل مادة استهلاكية يحملها المواطن على ظهره مرتين في الشهر على الأقل. ويزداد هذا الثقل معنويا وماديا مع زيادة 10 دراهم في سعرها، من دون إن كنا نعرف أن الحكومة ألزمت شركات الغاز باحترام أوزان البوطا.

الكثيرون قد لا يحسون بثقل البوطا، من حيث الثمن طبعا، لأن هناك مواد استهلاكية يشتريها المواطن كل يوم تكوي ظهره وجيبه، لكن مشكلة البوطاغاز أنها تشعل النار في كل المواد الاستهلاكية تقريبا.

من الآن فصاعدا، كل شيء يطهى فوق النار سيرتفع ثمنه، وهذه طريقة جهنمية في الزيادة في أسعار كل المواد الاستهلاكية بطريقة غير مباشرة، فالحكومة تزيد في سعر شيء واحد، ويتكفل المواطنون في الزيادة في كل شيء، فتبدأ حرب أهلية مختلفة، الجميع فيها يضرب الجميع، والكل يشتكي للكل..!

ما يحدث مع البوطاغاز يحدث أيضا مع المحروقات، أي أن الزيادة في سعر مادة واحدة تكفي للزيادة في كل شيء، بينما تبدو الحكومة بريئة مما يحدث، وكأنها تقول للمواطنين: إني أخاف الله رب العالمين..!

لكن البوطاغاز قد تبدو مشكلة صغيرة مع ما ينتظره المغاربة في عيد الأضحى، حيث اشتعلت الأسعار قبل مدة طويلة من يوم النحر، فصار المواطنون ينحرون يوميا على المستوى النفسي والمعنوي، وكثيرون يترحمون على أيام الملك الراحل الحسن الثاني، الذي ألغى شعيرة العيد لأكثر من مرة بسبب ظروف الجفاف، وكان ذلك رحمة بجيوب الكثير من المواطنين، رغم أنه لا مجال للمقارنة بين أسعار الكبش في ذلك الزمن وأسعاره اليوم.

لكن حتى الكبش، الذي يشتريه المواطنون مرة في العام، قد يبدو مشكلة صغيرة أمام النار التي تأكل جيوب المواطنين بشكل يومي، حيث ترتفع الأسعار كل يوم، وليس هناك أي جهاز حقيقي للمحاسبة والعقاب، فكل بائع يفعل ما يشاء، بينما الدولة، وليس الحكومة، تبدو غائبة عن ترصد هذه العربدة التي تهدد أمن وسلامة المواطنين في قوتهم اليومي.

ويبدو، من خلال ما يحدث، أنه مقابل غياب الدولة، هناك حضور قوي للوبيات والتكتلات الاقتصادية النفعية، مما أدى إلى ظهور طبقة جديدة من أغنياء الحرب، حتى من دون وجود حرب، اللهم هذا القصف اليومي الهمجي نحو جيوب الناس وكرامتهم.

والمثير أن عربدة لوبي أغنياء الحرب صارت تتجاوز حتى قدرات الدولة، وها نحن نرى تراجع موريتانيا عن رفع الرسوم الجمركية في وجه المنتجات الفلاحية المغربية، ورضخت بذلك لضغوطات اللوبيات، مما يعني أن المواطن المغربي الذي تصدر بلاده الخضر والفواكه، يلزمه أن يدفع مقابلها أضعاف ما يدفعه المواطن الموريتاني..!!

من حق المغاربة أن يتساءلوا هل المواطن الموريتاني أكثر رفاهية من المواطن المغربي، بينما تباع خضروات المغرب في أسواق موريتانيا وباقي بلدان إفريقيا بسعر التراب، لذلك من حق الناس أن يتساءلوا عن سر هذا السعار لتصدير المنتجات المغربية نحو إفريقيا، وأكثر من هذا، من حق الناس أن يعرفوا بأي شيء تعود الشاحنات محملة من تلك البلدان..! ومن الأكيد أنها لا تعود محملة بالرمل.

هناك الكثير جدا من مظاهر غياب الدولة، أو استقالتها، أمام المخاطر الكبيرة التي تهدد الأمن الغذائي للمواطنين المغاربة، ومقابل استقالة الدولة من مهامها فإن هناك تغولا مفزعا للوبيات وتكتلات المصالح وأغنياء الحرب، وهذا أكبر شيء يهدد أمن واستقرار البلد، وهو استقرار نتغنى به كثيرا، ونخاف عليه أكثر.

 

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )