من الزلزال إلى الكبش: لماذا تمسحون الأشياء الجميلة بسرعة..!؟

المساء اليوم – ع. الدامون:

لم يكمل زلزال الحوز سنته الأولى بعد، وكان ممكنا أن يظل في البال لزمن طويل، ليس فقط إنذارا بمدى فداحة الفواجع الطبيعية، بل أكثر من هذا، لأنه كان نموذجا للتضامن الرائع بين مختلف مكونات ومناطق المغرب، حيث شكل الزلزال مناسبة لأعادة اكتشاف العمق الحقيقي لروح تمغرابيت.

كلنا نتذكر قوافل الشاحنات منطلقة من كل ربوع البلاد نحو مناطق الزلزال، ونتذكر أكثر صورة ذلك الرجل البسيط الذي حمل كيس دقيق على دراجته وتوجه للتبرع به لمنكوبي الزلزال. كان حدثا جميلا ورائعا يكشف عمقا روحيا وثقافيا يريد الكثيرون القضاء عليه.

لكن الوقت لم يطل، وكانت أولى النكبات ذلك الإضراب الوحشي في قطاع التعليم، الذي استمر لأزيد من 3 أشهر، وحرم ملايين التلاميذ من حقهم في التعليم، ورفع المضربون شعار “نحن وبعدنا الطوفان”..!

وتوالت النكبات في مجالات كثيرة، أهمها ما عشناه في شهر رمضان وما بعده من حرب حقيقية على قوت البسطاء، وقام “قطاطعية الاختلاس والتبييض” بحرمان المغاربة من منتجات حقولهم وتهريبها نحو أوربا وأسواق إفريقيا، وأصبح المغرب الأخضر أسودا قاتما، ولم نفهم كيف يمكن لموريتاني مثلا أن يشتري كيلو طماطم بسعر أعلى من المغربي، لكننا فهمنا أن لوبيات الريع والإقطاع تتلاعب بأرزاق المغاربة في غياب تام للدولة.

أشياء أخرى مشابهة مرت، وكلها أنستنا بسرعة تمغرابيت التي طفت وترعرعت بعد زلزال الحوز، إلى أن جاء عيد الأضحى، واكتشفنا أننا نعيش بالفعل حربا أهلية غير مكشوفة، كل واحد منا يفترس الآخر عندما تتاح له الفرصة.

جاء العيد في ظل حديث حكومي عن وفرة رؤوس الأضاحي، زيادة على استيراد الكثير من الماشية من رومانيا وإسبانيا وغيرها، وتوقع المغاربة أن يكون العيد سلسا على الجيوب ورحيما بالنفوس، وذلك لم يحدث للأسف.

ما حدث هو أن المحظوظين من القطاطعية الذين حظوا بدعم من المال العام لاستيراد الأكباش من الخارج باعوها للممونين أو خبؤوها إلى أن يمر العيد، بينما تفنن الكسابة والشناقة في إبراز كل صنوف الحقد على الناس أجمعين. لقد طبقوا بدورهم شعار “نحن وبعدنا الطوفان”..!

مر العيد وبقيت الكثير من الأسر بلا أضحية، وهذه ليست كارثة في حد ذاتها، بل المصيبة هو أسباب ذلك، فكل ما جرى كان نتيجة طمع خرافي وحقد كبير بين طبقات الشعب الواحد، في غياب مخيف للدولة.

ومن الأكيد أن الناس سيعيدون الصفعة لأولئك الشناقة والكسابة الجشعين العيد المقبل، ولو حدث فعلا ما يفكر فيه الناس في العيد المقبل فسيكون على الكسابة التفكير منذ الآن في طريقة لتحويل أكباشهم إلى “قديد”..!

عموما.. نأسف لكل هذه الأحداث والمظاهر التي توالت سريعا منذ زلزال الحوز، وكأن وراءها فاعل يريد أن يقنعنا أننا لن نكون أبدا شعبا متضامنا ومتآزرا، وأن ما جرى في زلزال الحوز وفي غيره مجرد نقاط بيضاء صغيرة في محيط من العتمة..!

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )