المساء اليوم - تطوان: مباشرة بعد اجتياز المدار الطرقي الأخير قبل دخول مدينة تطوان، يظهر طابور طويل من السيارات شبه متوقفة، والتي تتحرك بإيقاع بطيء جدا حيث تتحرك بضعة أمتار ثم تتوقف، ويستمر هذا الإيقاع وقتا طويلا، قد يكون نفس الوقت الذي تستغرقه الرحلة من طنجة أو العرائش حتى مدخل تطوان. وفي ظل حرارة قياسية تصل داخل السيارات حوالي 40 درجة، وفي حال عدم توفر السيارات على مكيفات، فإن السفر يتحول فعلا إلى قطعة حقيقية من الجحيم، ويزداد الأمر سوءا مع وجود أطفال وكبار السن داخل السيارات. ولا يعتبر هذا المشهد استثنائيا، بل هو القاعدة، لأن السدود الأمنية عند مداخل تطوان تحول الرغبة في دخول المدينة بسهولة ويسر إلى مطلب عزيز المنال. وتصبح مشاهد طوابير السيارات وهي تنتظر دخول تطوان مثل مشاهد سريالية من فيلم سينمائي عن محاولات الناس الهروب من كارثة ما، حيث تتوقف السيارات على مدى كيلومترات، ويكون على ركابها تدبر شؤونهم بطرقهم الخاصة، أهمها التوفر على مياه لمقاومة العطش. ولا يقتصر هذا المشهد على الطريق الرئيسية بين طنجة وتطوان فقط، بل إن تطوان محاطة بسدود أمنية من كل المداخل، وهو شيء لا يعتبر مرتبطا بأحداث معينة، بل يستمر صيفا وشتاء، ليلا ونهارا. ويثير هذا الأمر استغراب كبيرا، بالنظر إلى أن أقرب مدينة إلى تطوان، وهي طنجة، لا تتوفر على سد أمني من جهة طريق تطوان. ويثير هذا الوضع استغرابا كبيرا لزوار المدينة، ولسكانها أيضا، على اعتبار هذه السدود الأمنية المشددة تنكيلا بالمواطنين، لأن هناك وسائل أخرى أكثر تطورا لرصد الاختلالات الأمنية، وليس ضروريا صنع طوابير طويلة من السيارات من أجل تحقيق ذلك. وعلى الرغم من أن تطوان ليست على قدر كبير من التعقيد المروري، وحتى الأمني، إلا أن إحاطتها دوما بهذه السدود الأمنية قد يعطي لزوارها انطباعا واهما بأن هناك خطرا وشيكا يتم رصده، وهو انطباع سيء لا يخدم فلسفة الأمن ومبدأ طمأنينة المواطنين والزوار. وعلى اعتبار تطوان مدينة قريبة من إسبانيا، فإن الكثيرين يقارنون بينها وبين المدن الإسبانية في مجال السدود الأمنية، حيث يمكن للمسافر بالسيارة عبر إسبانيا قطع مئات الكيلومترات من دون العثور على سد أمني واحد، اعتبارا للتكنلوجيا الحديثة التي تجعل الرصد الأمني الفعال غير مرتبط بصنع طوابير طويلة للسيارات وتضييع وقت طويل، للمواطنين والأمن على حد سواء.