الأولمبياد يعرينا مجددا.. واللي ما شرا يتنزه..!

المساء اليوم – ع. الدامون:

إلى حد الآن لم يستطع المغرب نيل أية ميدالية في أولمبياد باريس. لكننا استطعنا إرسال واحد من أكثر الوفود عددا إلى العاصمة الفرنسية، ففي النهاية إذا لم نظفر بالميداليات فسنردد حكمة “اللي ما شرا يتنزه”..!

لكن المتنزهين ليسوا فقط أفراد الوفد المغربي إلى باريس، بل أيضا ملايين المغاربة الذين يتابعون فعاليات الأولمبياد عبر التلفزيون، الذين يتابعون بغبن لاعبين ورياضيين لبلدان مختلفة استثمرت فيهم بلدانهم فحصدت بهم الميداليات والسمعة الحسنة والصيت العالمي.

أما نحن فلا نزال ننتظر ما ستفاجؤنا به الأيام المقبلة، وقد نظفر بميدالية أو اثنتين، وربما لا نظفر بشيء، لكن “المهم المشاركة” ثم العودة الميمونة لوفدنا الرياضي بحقائب ثقيلة محملة بكل أنواع المشتريات من متاجر باريس الراقية..!

في الماضي القريب كنا واثقين بالعودة بأكثر من ميدالية، خصوصا في مجالات رياضية مثل الملاكمة وألعاب القوى، واليوم لا ملاكمة ولا جودو ولا ألعاب قوى ولا أي شيء. ننتظر فقط لاعبي منتخبنا الأولمبي، وعداءا عنيدا اسمه البقالي، حتى ننقذ سمعة الوطن.. وننقذ أيضا مبذري الميزانيات من المساءلة.. لو هناك مساءلة أصلا.

لكن المثير أننا لو تتبعنا البعثات الرياضية لبلدان أوربية مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا وغيرعا، فسنجد أسماء رياضيين كثيرين من أصول مغربية، وهؤلاء ليس من الضروري أن يكونوا ولدوا بالمغرب ثم هاجروا، بل كثيرون ولدوا هناك لآباء هاجروا سرا أو علنا، فتحول أبناؤهم إلى رياضيين بارزين ينافسون على الميداليات في الملتقيات الدولية.

لن نتحدث عن لاعبي كرة القدم لأننا لا يمكن أن نعيش بدونهم، سواء في المنتخب الأولمبي أو منتخب الكبار، لأنهم كثيرون وواجهتنا البراقة لإخفاء عيوبنا.. بل نتحدث عن رياضيين في مجالات مختلفة، والذين يمثلون أوطانهم الحالية ويحققون لها الكثير من الإنجازات.

وهذه الأيام، تفخر إسبانيا بملاكم شاب قد يحقق لها الميدالية الذهبية، واسمه الكامل أيوب غضفة الإدريسي، والذي تحول إلى ملاكم بارز بعدما عانى طويلا من التنمر والعنصرية لمجرد أنه من أبوين مغربيين. كان من الممكن لأيوب أن يولد بالمغرب، لكنه لن يكون كما هو الآن..!

هناك أمثلة أخرى كثيرة لرياضيين من أصول مغربية تفوقوا لأنهم هاجروا، وتحولوا إلى أبطال لأنهم وجدوا العناية اللازمة في بلدان تعرف القيمة الحقيقية للاستثمار الرياضي، وليس كما نفعل نحن، ونكتفي باستقطاب لاعبين من أصول مغربية وجدناهم “تمام التمام” ونحاول أن نجعل منهم واجهة لإيهام الآخرين بأن الرياضة المغربية بألف خير.

المؤسف أن واقعنا الرياضي المر يعرفه الجميع، فبطولتنا من بين الأسوأ في العالم، ورياضاتنا ميتة أو تحتضر، وأين السباحة والملاكمة والجودو وألعاب القوى والرماية والفروسية والمصارعة ورياضات أخرى كثيرة.. وهل يعقل أن بلدا بشواطئ طولها أزيد من ثلاثة آلاف كيلومتر لا تتوفر على سباح واحد يمثلها في الأولمبياد أو كأس العالم..!؟

نعيش كل هذا الضلال الرياضي ومع ذلك لا نتعب من الكذب على أنفسنا بأننا بلد رياضي بامتياز، لمجرد أن أبناء لنا يمثلون المغرب بحب وحماس في منتخبات الكرة، لكن الباقي صفر على الشمال.. وها هي الألعاب الأولمبية تعري واقعنا مجددا، بينما نكتفي باستعمال كرة القدم كورقة توت.. كما نفعل دائما.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )