المساء اليوم - هيئة التحرير: خلال مرحلة ما سمي "الربيع العربي"، كان حزب "الأصالة والمعاصرة" يشبه قطا أجرب ومليء بالبراغيث ولا أحد يريد الاقتراب منه، بل لا أحد يتفضل بمنحه شربة ماء. كان الكثيرون يتوقعون موته الوشيك.. الوشيك جدا. ونتذكر أننا في "المساء" كنا نتوصل وقتها يوميا بلوائح طويلة من الاستقالات من الحزب، وكثيرون كانوا يبعثونها ثم يتصلون فورا على الهاتف ويترجون منا أن ننشر استقالاتهم فورا وفي العدد الموالي، بل هناك من كان يطلب نشر استقالته على شكل إشهار مدفوع الثمن، أي في نصف صفحة أو ربع صفحة، وبالألوان، حتى يعرف الجميع أنه استقال من الحزب الذي ظهر لكي يكون شبيها بالحزب الوحيد.. فصار وحيدا بالفعل في أول امتحان..! ونتذكر وقتها كيف علقنا على ما يجري ببعض الخبث، ووصفنا الحزب بالسفينة الغارقة، والمستقيلون منه بالفئران، وهذا الوصف لم يكن يتضمن أية إهانة، لأن الأغلبية الساحقة من الذين انضموا للحزب، وقتها، ثم هربوا في أول اختبار، كانوا بعقلية الجرذان..! مرت سنوات طويلة من تحت الجسر، ولم يغرق الحزب، وتجاوز محنة "الربيع العربي" بأضرار متوسطة او خفيفة، ثم عاد إليه الكثير من الجرذان.. بل صاروا من الجرذان "المخلصين"..! كنا نعتقد أن حزب الأصالة والمعاصرة مر وقتها بأقسى فترة في مسيرته القصيرة إبان "الربيع" الذي تحول سريعا إلى خريف فاقع الصفرة، إلى أن اكتشفنا اليوم أن الموت الحقيقي يأتي من داخل الحزب وليس من عدو خارجي. في الماضي عانى الحزب من خصوم خارجيين، وتجاوز ذلك في زمن يسير، لكنه اليوم يواجه طابوره الخامس، أعداء من داخل جسده، والأضرار ستكون كارثية جدا على الحزب ومستقبله. يعرف الجميع ما فعله عمدة طنجة، منير ليموري بالحزب والأضرار الكارثية التي تسبب فيها. فلم يكن بمقدور آلاف الأعداء أن يحققوا ربع النجاح الذي حققه الليموري في تشويه صورة الحزب والدفع به إلى الهاوية. ومنذ أشهر، لا يجد سكان طنجة، والمغاربة عموما، فارقا بين الأساليب المافيوزية القذرة وبين الأساليب التي اعتمدها العمدة، مع مستشار الخاص، حسن المزدوجي، الموجود حاليا في السجن، في جعل اسم "الأصالة والمعاصرة" رديفا لأساليب التنظيمات السرية والجماعات المتطرفة والعصابات المافيوزية. وطوال أشهر اقترف ليموري ومستشاره الخاص كل الموبقات في حق الحزب وفي حق خصومه وأصدقائه. فقد تورط عمدة طنجة في فضائح بالجملة، وتحول من عمدة إلى زعيم "الكوزا نوسترا"، وفعل، مع مستشار الخاص جدا، ما لا يستطيع جيش كامل اقترافه ضد الحزب. في وقت وجيز فعل عمدة طنجة ومستشاره كل شيء. فقد دعم العمدة مهرجانا يرعاه نبيل بركة شخصيا، وهو زوج فاطمة الزهراء المنصوري، قائدة القيادة الجماعية للبام، وربما أراد عمدة طنجة أن يثبت للمنصوري ولاءه للحزب من وراء هذه "اللفتة" المتمثلة في شيك بدون رصيد، لكن التفاصيل توجد الشياطين. المشكلة أن هذا المهرجان "ماطا" لا ينظم في طنجة، أي أنه خارج اختصاصات تعاقدات وشراكات الجماعة الحضرية، ومع ذلك فإن عمدة طنجة قدم من أجله شيكا بعشرات الملايين، لكنه شيك بدون رصيد. حاليا توجد شكاية لدى القضاء من طرف فندق شهير بطنجة، لأن عمدة طنجة قدم شيكا بدون رصيد، من طرف مستشار الخاص حسن المزدوجي، والشكاية موجهة ضد العمدة شخصيا..!! لكن ليس هذا كل شيء، لأنه مباشرة بعد أن طلب الفندق الحصول على مقابل إقامة العديد من ضيوف مهرجان "البام" بالعرائش، بدأت حملة ممنهجة لتشويه سمعة الفندق، عبر تدوينات يكتبها مباشرة المستشار الخاص للعمدة، وتم وصف الفندق ومسؤوليه بأحط النعوت، بما في ذلك تهم ترويج الدعارة وأشياء أخرى، وهذه سابقة حقيقية في تاريخ عمداء المدن المغربية، حين يتحول العمدة إلى طابور خامس ضد المدينة التي هو عمدة عليها.. يحط من قيمتها ويشوه سمعتها عن طريق كبير مستشاريه، وهو أيضا عضو ومستشار معروف بنفس الحزب..! هناك تفاصيل خطيرة في الشكاية الموضوعة لدى القضاء ضد عمدة طنجة، منير ليموري، ومستشاره الخاص حسن المزدوجي، لكن هذين الشخصين لم يكتفيا بفضيحة تبذير المال العام وتقديم شيك بدون رصيد وتشويه صورة السياحة الوطنية وضرب الاقتصاد الوطني، بل وسعا رقعة العمليات نحو تدوينات همجية غير مسبوقة ضد كل من يتجرأ وينتقد طريقة تسيير عمدة البام للمدينة.. بما فيها عمليات سب وقذف وتشهير خطيرة في حق صحافيين، بتواطؤ مع أسماء أخرى لا تزال مختبئة كالجرذان، مثل رئيس "عصابة السواني". هكذا، وفي سابقة من نوعها في المغرب، وربما في العالم، تحول مستشار العمدة إلى نهج أسلوب غير مسبوق في السب والقذف والتشهير ونبش الأعراض واختلاق وقائع ومعلومات وهمية في حق صحافيين ورجال أعمال ومؤسسات اقتصادية. والمثير أن مستشار العمدة كان يقترف هذه الجرائم الخطيرة باسمه وبصورته، والسبب هو أنه كان يعتقد أن العمدة منير ليموري سيوفر له الحماية، رفقة مسؤول بارز في المدينة تم تنقيله مؤخرا نحو الجنوب. ولأن ليموري رجل بلا فرامل، فإنه تجاهل الكثير من التحذيرات من داخل حزب الأصالة والمعاصرة نفسه، بما فيها تحذيرات المنسق الجهوي للحزب بالشمال، عبد اللطيف الغلبزوري.. واستمرت جرائم العمدة ومستشاره إلى أن وجد المستشار نفسه في السجن، بينما العمدة يفكر ليل نهار في الخروج من الورطة، وهي ورطة غير مسبوقة في تاريخ عمداء المدن المغربية، وكلها تم اقترافها باسم البام..! وقبل ذلك غرق عمدة طنجة في فضائح تسييرية كبيرة، كما أن التحقيقات المستقبلية مع مستشار العمدة، بل مع العمدة نفسه، ستكشف مفاجآت مدوية ستجعل المغاربة يمسكون برؤوسهم حول هذا الإسكافي السابق الذي تحول إلى عمدة فضائح بامتياز، ويجر معه الحزب كله إلى الهاوية. في كل هذا من حق المغاربة أن يسألوا فاطمة الزهراء المنصوري: ماذا فعل أبو الغالي، عضو القيادة "الجماعية"، حتى تسارع قيادة البام إلى تجميد عضويته!؟ وماذا فعل أحمد الوهابي، رئيس جماعة تزروت حتى تسارع المنصوري إلى إقالته الفورية من الحزب..؟ ولماذا هذه السرعة الرهيبة في معاقبة أو إقالة أشخاص لم يسيؤوا أبدا للحزب، بينما عمدة طنجة اقترف مجازر حقيقية في حق الحزب ولا تزال القيادة الجماعية لا تدرك خطورة ذلك.. وربما عندما تدرك قيمة هذه الجرائم، سيكون الأوان قد فات.. وسيكون الحزب مجرد شيك بدون رصيد في يد ابنة الباشا..!