إنه الفساد في البر والبحر.. حرفيا..!

المساء اليوم – ع. الدامون:

عاد الصيف ومعه عادت “الحرب الأهلية” ضد المصطافين من طرف جحافل “باردين لكتاف” الذين يحملون الهراوات ويهددون كل من لا يرضخ لنزواتهم بأداء الأتاوات، سواء مباشرة على الشاطئ أو في الساحات المخصصة لركن السيارات.

لكن هذه الشبكات المنظمة لا تتحرك لوحدها، إنها تحظى بدعم كبير من جهات كثيرة، وعلى رأسها الجماعات المحلية، سواء كانت حضرية أو قروية، كما أن هناك الكثير من الرشاوى التي تذهب ذات اليمين وذات اليسار.

وفي الشواطئ التي يقصدها عدد كبير من الزوار يتحول الاصطياف إلى امتياز عزيز المنال، بل يتحول إلى قطعة من الجحيم، لأنه منذ أن يحرك رب أسرة سيارته نحو الشاطئ، تتحول الرحلة إلى معاناة في كل تفاصيلها، بدءا بالازدحام المروري الخانق، ومرورا بمعضلة العثور على مكان لركن السيارة، ثم ملحمة الظفر بمكان على الشاطئ من دون مضايقة عصابات المظلات.

لكن هناك كثيرون يعتقدون أن هذه الشبكات لا تتحرك لوحدها، لأنها في الحقيقة تتحرك بحماية الجماعات المحلية، وكثير من هذه الشبكات تتوفر على رخص مشبوهة لاستغلال الشواطئ، وإذا كان لا بد من محاسبة المذنبين فيجب محاكمة رؤساء الجماعات والمنتخبين الذين يوفرون الرخص المشبوهة والحماية لهؤلاء المعربدين.

ورغم أن هذه القضية وصلت حتى البرلمان، وتدخل وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، شخصيا لإطلاق وعود بتسهيل اصطياف المواطنين المغاربة، لأنه حق طبيعي جدا من حقوقهم، إلا أن العربدة مستمرة، لأن وزير الداخلية من حقه أن يقول ما يشاء، والشبكات المنظمة من حقها أن تفعل ما تشاء.. هذا هو المغرب العميق الحقيقي.

والمثير أن هذه الشبكات في طريقها لكي تخصص تذاكر خاصة، ليس للراغبين في مظلات وكراسي على الشاطئ، بل للراغبين في السباحة، وانتظروا السنوات القليلة المقبلة حين سيقف هؤلاء الشماكرية على حافة الموج ويطلبون الأداء من كل مواطن يرغب في ولوج البحر للسباحة.. وهذا ليس خيالا..  انتظروا فقط..!

ويكفي تأمل كيف كانت هذه الشبكات تستغل في الماضي صفا واحدا قرب الشاطئ وبمسافة معينة بين كل مظلة وأخرى، واليوم صارت تضع مظلاتها وكراسيها شبه متلاصقة على أربعة أو خمسة صفوف، وبذلك أصبح المواطن ملزما بالأداء أو البحث عن شواطئ أخرى في “الواقواق”..!

في كل الأحوال فإن المواطنين المغاربة يعتقدون أنهم محميون بنصوص الدستور والقوانين، وأن الحق في الاصطياف هو أبسط ما يمكنهم الحصول عليه، لكن هيهات..  فما حصل في عيد الأضحى الماضي من حرمان أكثر من نصف المغاربة من الأضحية من طرف عصابات الشناقة والكسابة يتكرر اليوم عبر حرمان بسطاء المغاربة من البحر من طرف عصابات الكراسي والممرات ومن يدعمهم في الجماعات المحلية ومجالات أخرى.

ولا تكتفي هذه العصابات بكراء مظلاتها قسرا، بل تستغل أيضا مظلات القش الموضوعة في الشواطئ وتعتبر من حق الجميع، ففي البداية والنهاية فإن منطق العصابات يفرض نفسه على الجميع، على السلطات وعلى الجماعات المنتخبة.. وعلى وزارة الداخلية..  وحتى على الدستور.

مساكين هؤلاء المغاربة.. ضاع منهم كل شيء..  الصحة والتعليم والغذاء والكساء والكبش والصيف.. حتى حقهم البسيط في بحر يمتد على مسافة 3 آلاف كيلومتر صار صعبا.. صعبا جدا.

إنه الفساد في البر والبحر..  حرفيا..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )