الخير من السماء.. والجفاف من الحكومة..!

المساء اليوم – ع. الدامون:

يمكن لسكان المدن الشاطئية أن يتأملوا البحر هذه الأيام، ليس من أجل لحظات من الرومانسية، بل فقط لمعرفة حجم مياه الأمطار التي ذهبت سدى في البحر الذي تحول لونه من الأزرق إلى الطيني، إلى درجة صرنا نعتقد أن كل مياه الأمطار ذهبت إلى البحر.

مع ذلك تقول لنا الحكومة إن نسبة امتلاء السدود ارتفعت بشكل طفيف، وهناك سدود معدودة امتلأت، و هذه الحكومة هي نفسها التي تنسى أننا لو اعترضنا طريق جزء يسير من المياه المتوجهة إلى البحر ببعض الوسائل البسيطة لامتلأت سدودنا وسدود ليبيا والجزائر أيضا.

لكن يبدو أن الحكومة، أو الحكومات المتعاقبة كلها، دورها هو البكاء والشكوى من الجفاف وليس البحث عن طرق مبتكرة وسهلة لمعالجة الجفاف. فأسهل شيء هو الشكوى والتباكي.

ومنذ أشهر طويلة، بل سنوات، دخل المغرب في “جدبة” الحديث عن تحلية مياه البحر، مع ما يتطلبه ذلك من إمكانيات كبيرة ووسائل تكنلوجية متطورة وتبعات فلاحية واقتصادية أيضا، وتم عقد مئات الندوات والمؤتمرات حول الموضوع، لكن عندما ينزل الماء الزلال من السماء لا نستطيع الحفاظ ولو على جزء يسير منه.

يعرف المسؤولون أن السدود امتلأت منذ عقود بالطين والوحل، وأشياء كثيرة أخرى، وأن الحل يتطلب بناء الكثير من السدود الجديدة والعصرية بمقاييس مختلفة تماما، وأن السدود التلية والأحواض المائية المتوسطة والصغرى أصبحت ضرورة ملحة، إلى درجة أن كل مدينة صارت تحتاج إلى أكثر من سد تتجه نحوه القنوات التي تجمع مياه الأمطار من المدن، بما في ذلك التي تتساقط على أسطح المنازل والعمارات.

وإذا كانت جارتنا إسبانيا تشترك معنا في الكثير من الخاصيات الجغرافية والمناخية، إلا أننا لا نعرف كيف نستفيد من تجربتها الكبيرة والذكية في الاستفادة من مياه الأمطار وكيف استطاعت توفير “الحكم الذاتي” من المياه رغم سنوات الجفاف.

عموما فإن مسؤولينا يعشقون الشكوى، ويعشقون أكثر إخافتنا بالجفاف، فمن خلاله يتم تحقيق الكثير من المآرب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية، لذلك لا نستغرب أنه، بعد هذا الخير العميم الذي نزل من السماء، ستعود الحكومة للتحذير من الجفاف بعد أسبوع واحد مشمس، وستعيد إقفال الحمامات وتقديم النصائح بالاقتصاد في ماء الوضوء، وفي الوقت نفسه سيتم استقبال المزيد من الإقطاعيين العالمين في مجال الزراعات المتوحشة التي تشكل، رفقة الحشيش، خطرا داهما على الأمن المائي والغذائي، وحتى الاجتماعي والسياسي لهذه البلاد.

عموما.. نعرف أن المغاربة يثقون في السماء أكثر بكثير مما يثقون في حكوماتهم، وإلى حد الآن فإن السماء أثبتت أنها جديرة بهذه الثقة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 2 )

  1. Mokhtari :

    ليس لنا الا الله فقد افتقدنا الثقة في السياسات الحكومية خصوصا الداخلية منها لاننا نشك ان كان المسؤولون يعيشون معنا تحت سقف واحد ومن كان يريد معرفة الاهمال وحجمه فيأتي الى المدينة التي تم اعلانها مدينة منكوبة وجدة المنسية او المغرب المنسي

    1
  2. منصف :

    المغرب له نظام سياسي أكل عليه الدهر وشرب نظام القرون الوسطى.حيث تخطلت عليك الأمور لا تعرف حتى من يسير أمور البلاد الكل يختبئ وراء الكل.

    0