الطائرة.. والبوهالي..!

المساء اليوم – هيئة التحرير:

عندما انحرفت الطائرة المعلومة عن مدرج مطار فاس وتوجهت، بإصرار عجيب، نحو الحقول المجاورة للمطار، فإن لا أحد توقع أن يكون أحد “ضحاياها” راعي غنم يركب دراجة هوائية، وأكثر من هذا لا أحد توقع أن يخرج من الحادثة الغريبة سالما معافى، إلا من أضرار خفيفة.

عمليا، فإن نسبة وقوع “حادثة سير” بين طائرة وبين دراجة هوائية وخروج صاحب الدراجة حيا، تقارب نسبة وصول الأمريكان للقمر، أي أنها نسبة شبه منعدمة، ومع ذلك حدثت..!

وبغض النظر عن الحادثة وأسبابها وتداعياتها، فإنها سلطت الضوء، على الأقل، على هذه الطبقة من المجاذيب الذين يشبهون الحكماء ويسعون في أرض الله الواسعة، يحملون معهم بركتهم ويتبعهم رزقهم أينما حلوا وارتحلوا.. إلى أن تسقط عليهم طائرة، وهذا بدوره وجه من وجوه البركة.

لكن المثير في الراعي، أو “مجذوب الطائرة” هو أنه “ولْد الوقت وعلى بالْ”، لأنه بمجرد أن فعلت به الطائرة ما فعلت وأحس بأنه أكثر الرجال حظا في العالم، استل هاتفه المحمول ووثق للحظة التاريخية، التي سيتداولها العالم.

من المؤسف أن مجذوب الطائرة لا يملك قناة على اليوتوب، وإلا لفعل ما يفعل غيره واغتنى فجأة من ملايين المشاهدات التي سيحظى به شريط الفيديو الذي وثقه، لكن الرجل تصرف بمنطق المجاذيب وصور الفيديو ثم أطلقه حتى من دون “توقيع”، وفي لحظات قليلة اصطاده “كلاب القنص” على قنوات التواصل الاجتماعي وحولوه إلى “طوندونس”، بينما الرجل لا يزال يتكئ على سور المطار ويحكي للناس حكاياته الغريبة.

وبما أن مجذوب الطائرة حظي على الأقل بالدواء الأحمر في مستوصف عمومي، ثم رموه بسرعة، فيجب على الأقل أن يحظى ببعض من متع النجومية الشرعية، وهي أن يستثمر ما حدث من أجل حفنة من الدراهم، يشتري بها، على الأقل، دراجة نارية يستطيع بها مراوغة طائرة أخرى بسرعة أكبر.

عموما.. الذين يكسبون المال، الآن، على ظهر مجذوب الطيارة، عليهم أن يخجلوا قليلا.. ويتركوا الرجل يستثمر في مشروعه الخاص الذي كان يفقد حياته من أجله، في انتظار، التعويض الذي قد يأتي وقد لا يأتي، من الشركة المالكة للطائرة المنحرفة، بكل ما في كلمة “انحراف” من معنى.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )