سانشيز: حكاية رجل شجاع..!

المساء اليوم – هيأة التحرير:

منذ أن قاد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، عملية إعادة المياه إلى مجاريها مع المغرب، لم يتوقف سيل الانتقادات ضده من جانب أغلب الهيآت السياسية، بمن فيهم الأحزاب المتحالفة معه، بل وصلت الانتقادات إلى حد التجريح الوحشي.

لكن رغم كل ذلك، ظل الرجل صامدا أمام “تسونامي” الهجمات الإعلامية والسياسية ضده، وواصل تنفيذ التزاماته تجاه المغرب، أولها التزامه المبدئي باعتماد الحكم الذاتي حلا منطقيا وواقعيا في الصحراء، وهو الالتزام الذي لا يزال يجر عليه نقمة الداخل والخارج.

ويخوض قادة اليمين الإسباني التقليدي واليمين المتطرف حربا يومية شعواء على سانشيز ويصفونه بأبشع النعوت، بما فيه “الجبان” و”العميل” وما إلى ذلك من أوصاف وحده اليمين الإسباني يجرؤ على استعمالها لأن له تاريخا طويلا في البذاءة وقلة الأدب.

أكيد أن سانشيز، في تعامله مع المغرب، يريد أولا وأخيرا تحقيق مصالح بلاده وشعبها، لكنه في الوقت نفسه أبان عن رباطة جأش ملفتة أمام الهجمات الإعلامية الشرسة لليمين، وحتى لليسار الراديكالي، وفي كل مرة يثبت قوة  ونجاعة”دمه الإنجليزي البارد” في التعامل مع الهجمات اللاذعة لخصومه السياسيين والإيديولوجيين.

وفي الآونة الأخيرة وصلت الهجمات على سانشيز درجة غير مسبوقة، إلى حد اتهام زوجته بالفساد المالي، وطالب اليمين المتطرف واليسار الراديكالي سانشيز بالكشف عما أسماه “البنود السرية” لاتفاقه مع المغرب، الذي لا تزال صحف اليمين المتطرف تصفه ب”العدو الأبدي لإسبانيا”، وهو وصف ينام في حضن تاريخ أسود زمن محاكم التفتيش الرهيبة التي قادتها الكنيسة ضد كل ما هو أندلسي.

yH5BAEKAAEALAAAAAABAAEAAAICTAEAOw==في كل هذا لا يجب أن ننسى دور أموال الغاز الجزائري في هذه الحملة، فأغلب قادة اليمين واليسار المتطرف في إسبانيا يتلقون أعطيات بطرق مختلفة من ميزانية الجارة الشرقية، إلى درجة أن العديد من المقالات التي تهاجم سانشيز تنشر بشكل متزامن في صحف جزائرية بالعربية وفي صحف إسبانية بالإسبانية.
ومن المثير حقا أن اليمين الإسباني، الذي يرفض التنازل عن “حبة رمل” في كتالونيا أو سبتة ومليلية، هو نفسه الذي يقاتل بشراسة لانفصال الصحراء عن المغرب، ولو أن المغرب دعا يوما إلى انفصال كتالونيا عن إسبانيا لأصيب اليمين بالجنون وسيكيل للمغرب تهما بلا نهاية، وقد يدعو إلى قطع العلاقات فورا بين مدريد والرباط.
وعندما أعلن سانشيز عزم إسبانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية بينما غزة تحت حرب إبادة، تساءل اليمين واليسار الراديكالي لماذا لا يتعاطف سانشيز مع “الشعب الصحراوي” كما يتعاطف مع الشعب الفلسطيني، وهذا الادعاء لوحده يتطلب إخضاع أصحابه لكشف طبي عن سلامة عقولهم، لأنه حتى المجانين لا يمكنهم المقارنة بين شعب تبيده آلة القتل وبين سكان تبهجهم آلة التنمية.
وسط كل هذا الجنون اليميني واليساري، يثبت سانشيز أنه رجل دولة بامتياز، يجمع بين الدهاء والرصانة والشجاعة وخدمة مصالح بلده، إنه يشبه القافلة التي تسير غير عابئة بما حولها.

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )